responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 142


مضطرا لذلك لا يجد عنه مخلصا ، ولا منه متحولا . قوله ( وإذ يرفع ) هو حكاية لحال ماضية استحضارا لصورتها العجيبة . والقواعد : الأساس ، قاله أبو عبيدة والفراء . وقال الكسائي : هي الجدر . والمراد برفعها رفع ما هو مبني فوقها لا رفعها في نفسها فإنها لم ترتفع ، لكنها لما كانت متصلة بالبناء المرتفع فوقها صارت كأنها مرتفعة بارتفاعه ، كما يقال ارتفع البناء ، ولا يقال ارتفع أعالي البناء ولا أسافله . قوله ( ربنا تقبل منا ) في محل الحال بتقدير القول : أي قائلين ربنا . وقرأ أبي وابن مسعود " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ويقولان ربنا تقبل منا " . وقوله ( واجعلنا مسلمين لك ) أي اجعلنا ثابتين عليه أو زدنا منه - قيل المراد بالإسلام هنا مجموع الإيمان والأعمال . وقوله ( ومن ذريتنا ) أي واجعل من ذريتنا ، و " من " للتبعيض أو للتبيين . وقال ابن جرير :
إنه أراد بالذرية العرب خاصة ، وكذا قال السهيلي . قال ابن عطية : وهذا ضعيف لأن دعوته ظهرت في العرب وغيرهم من الذين آمنوا به . والأمة : الجماعة في هذا الموضع ، وقد تطلق على الواحد ، ومنه قوله تعالى - إن إبراهيم كان أمة قانتا لله - وتطلق على الدين ومنه - إنا وجدنا آباءنا على أمة - وتطلق على الزمان ، ومنه - وادكر بعد أمة - . وقوله - ( وأرنا مناسكنا ) هي من الرؤية البصرية . وقرأ عمر بن عبد العزيز وقتادة وابن كثير وابن محيصن وغيرهم " أرنا " بسكون الراء ، ومنه قول الشاعر :
أرنا إداوة عبد الله يملؤها * من ماء زمزم إن القوم قد ظمئوا والمناسك جمع نسك ، وأصله في اللغة : الغسل ، يقال نسك ثوبه : إذا غسله . وهو في الشرع اسم للعبادة ، والمراد هنا مناسك الحج ، وقيل مواضع الذبح ، وقيل جميع المتعبدات . وقوله ( وتب علينا ) ثيل المراد بطلبهما للتوبة التثبيت ، لأنهما معصومان لا ذنب لهما ، وقيل المراد تب على الظلمة منا .
وقد أخرج ابن جرير عن عطاء ( قال ( وعهدنا إلى إبراهيم ) أي أمرناه . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( أن طهرا بيتي ) قال : من الأوثان . وأخرج أيضا عن مجاهد وسعيد بن جبير مثله ، وزادوا الريب وقول الزور والرجس . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا كان قائما فهو من الطائفين ، وإذا كان جالسا فهو من العاكفين ، وإذا كان مصليا فهو من الركع السجود . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن الذين ينامون في المسجد فقال : هم العاكفون . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " إن إبراهيم حرم مكة ، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها ، فلا يصاد صيدها ولا يقطع عضاهها " كما أخرجه أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم من حديث جابر . وقد روى هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق جماعة من الصحابة ، منهم رافع بن خديج عند مسلم وغيره ، ومنهم أبو قتادة عند أحمد ، ومنهم أنس عن الشيخين ، ومنهم أبو هريرة عند مسلم ، ومنهم علي بن أبي طالب عند الطبراني في الأوسط ، ومنهم أسامة بن زيد عن أحمد والبخاري ، ومنهم عائشة عند البخاري .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة " أخرجه البخاري تعليقا ، وابن ماجة من حديث صفية بنت شيبة ، وأخرجه الشيخان وغيرهما من حديث ابن عباس . وأخرجه الشيخان وأهل السنن من حديث أبي هريرة ، وفي الباب أحاديث غير ما ذكرنا ، ولا تعارض بين هذه الأحاديث ، فإن إبراهيم عليه السلام لما بلغ الناس أن الله حرمها وأنها لم تزل حرما آمنا نسب إليه أنه حرمها : أي أظهر للناس حكم الله فيها ، وإلى هذا الجمع ذهب ابن عطية وابن كثير . وقال ابن جرير :

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست