ولا شك أن المعروف في الناس بمقام إبراهيم هو المصلى الذي قال الله تعالى ذكره :
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فإن أهل التأويل مختلفون في معناه ، فقال بعضهم : هو المدعى . ذكر من قال ذلك :
1645 - حدثني المثنى قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال : مصلى إبراهيم مدعى .
وقال آخرون : معنى ذلك : اتخذوا مصلى تصلون عنده . ذكر من قال ذلك :
1646 - حدثني بشر بن معاذ ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : أمروا أن يصلوا عنده .
1647 - حدثني موسى بن هارون ، قال : ثنا عمرو بن حماد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قال : هو الصلاة عنده . فكأن الذين قالوا تأويل المصلى ههنا المدعى ، وجهوا المصلى إلى أنه مفعل من قول القائل : صليت بمعنى دعوت . وقائلوا هذه المقالة هم الذين قالوا : إن مقام إبراهيم هو الحج كله .
فكان معناه في تأويل هذه الآية : واتخذوا عرفة والمزدلفة والمشعر والجمار وسائر أماكن الحج التي كان إبراهيم يقوم بها مداعي تدعونني عندها ، وتأتمون بإبراهيم خليلي عليه السلام فيها ، فإني قد جعلته لمن بعده من أوليائي وأهل طاعتي إماما يقتدون به وبآثاره ، فاقتدوا به .
وأما تأويل القائلين القول الآخر ، فإنه : اتخذوا أيها الناس من مقام إبراهيم مصلى تصلون عنده ، عبادة منكم ، وتكرمة مني لإبراهيم . وهذا القول هو أولى بالصواب لما ذكرنا من الخبر عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله ، عن رسول الله ( ص ) .
القول في تأويل قوله تعالى : وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي .
يعني تعالى ذكره بقوله : وعهدنا وأمرنا . كما :
1648 - حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال :
قلت لعطاء : ما عهده ؟ قال : أمره .
1649 - حدثني يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله :
وعهدنا إلى إبراهيم قال : أمرناه .