responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 654


بالسحر أنفسهم ؟ قيل : إن معنى ذلك على غير الوجه الذي توهمته من أنهم موصوفون بالجهل بما هم موصوفون بالعلم به ، ولكن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وإنما معنى الكلام : وما هم ضارون به من أحد إلا بإذن الله ، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق . فقوله : لبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ذم من الله تعالى ذكره فعل المتعلمين من الملكين التفريق بين المرء وزوجه ، وخبر منه جل ثناؤه عنهم أنهم بئس ما شروا به أنفسهم برضاهم بالسحر عوضا عن دينهم الذي به نجاة أنفسهم من الهلكة ، جهلا منهم بسوء عاقبة فعلهم وخسارة صفقة بيعهم ، إذ كان قد يتعلم ذلك منهما من لا يعرف الله ولا يعرف حلاله وحرامه وأمره ونهيه . ثم عاد إلى الفريق الذين أخبر الله عنهم أنهم نبذوا كتابه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون : واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ، وما أنزل على الملكين . فأخبر عنهم أنهم قد علموا أن من اشترى السحر ما له في الآخرة من خلاق ، ووصفهم بأنهم يركبون معاصي الله على علم منهم بها ، ويكفرون بالله ورسله ، ويؤثرون اتباع الشياطين ، والعمل بما أحدثته من السحر على العمل بكتابه ووحيه وتنزيله ، عنادا منهم وبغيا على رسله ، وتعديا منهم لحدوده ، على معرفة منهم بما لمن فعل ذلك عند الله من العقاب والعذاب ، فذلك تأويل قوله .
وقد زعم بعض الزاعمين أن قوله : ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق يعني به الشياطين ، وأن قوله : لو كانوا يعلمون يعني به الناس . وذلك قول لجميع أهل التأويل مخالف وذلك أنهم مجمعون على أن قوله : ولقد علموا لمن اشتراه معني به اليهود دون الشياطين . ثم هو مع ذلك خلاف ما دل عليه التنزيل ، لان الآيات قبل قوله : ولقد علموا لمن اشتراه وبعد قوله : لو كانوا يعلمون جاءت من الله بذم اليهود ، وتوبيخهم على ضلالهم ، وذما لهم على نبذهم وحي الله وآيات كتابه وراء ظهورهم ، مع علمهم بخطأ فعلهم . فقوله : ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق أحد تلك الأخبار عنهم .
وقال بعضهم : إن الذين وصف الله جل ثناؤه بقوله : ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون فنفى عنهم العلم هم الذين وصفهم الله بقوله : ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق وإنما نفى عنهم جل ثناؤه العلم بقوله : لو كانوا يعلمون بعد وصفه إياهم بأنهم قد علموا بقوله : ولقد علموا من أجل أنهم لم يعملوا بما علموا ،

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 654
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست