جريج : قال ابن عباس : ما له في الآخرة من خلاق قال : قوام .
وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معنى الخلاق في هذا الموضع :
النصيب وذلك أن ذلك معناه في كلام العرب . ومنه قول النبي ( ص ) : ليؤيدن الله هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم يعني لا نصيب لهم ولا حظ في الاسلام والدين . ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
يدعون بالويل فيها لا خلاق لهم * إلا سرابيل من قطر وأغلال يعني بذلك : لا نصيب لهم ولا حظ إلا السرابيل والأغلال .
فكذا قوله : ما له في الآخرة من خلاق ما له في الدار الآخرة حظ من الجنة من أجل أنه لم يكن له إيمان ولا دين ولا عمل صالح يجازي به في الجنة ويثاب عليه ، فيكون له حظ ونصيب من الجنة . وإنما قال جل ثناؤه : ما له في الآخرة من خلاق فوصفه بأنه لا نصيب له في الآخرة ، وهو يعني به لا نصيب له من جزاء وثواب وجنة دون نصيبه من النار . إذ كان قد دل ذمه جل ثناؤه أفعالهم التي نفى من أجلها أن يكون لهم في الآخرة نصيب على مراده من الخير ، وأنه إنما يعني بذلك أنه لا نصيب لهم فيها من الخيرات ، وأما من الشرور فإن لهم فيها نصيبا .
القول في تأويل قوله تعالى : ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون .
قال أبو جعفر رحمه الله : قد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى شروا : باعوا فمعنى الكلام إذا : ولبئس ما باع به نفسه من تعلم السحر لو كان يعلم سوء عاقبته . كما :
1428 - حدثني موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي : ولبئس ما شروا به أنفسهم يقول : بئس ما باعوا به أنفسهم .
فإن قال لنا قائل : وكيف قال جل ثناؤه : ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون وقد قال قبل : ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق فكيف يكونون عالمين بأن من تعلم السحر فلا خلاق لهم ، وهم يجهلون أنهم بئس ما شروا