1388 - حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان أي السحر .
قال أبو جعفر : ولعل قائلا أن يقول : أو ما كان السحر إلا أيام سليمان ؟ قيل له : بلى قد كان ذلك قبل ذلك ، وقد أخبر الله عن سحرة فرعون ما أخبر عنهم ، وقد كانوا قبل سليمان ، وأخبر عن قوم نوح أنهم قالوا لنوح إنه ساحر قال : فكيف أخبر عن اليهود أنهم اتبعوا ما تلته الشياطين على عهد سليمان ؟ قيل : لأنهم أضافوا ذلك إلى سليمان على ما قد قدمنا البيان عنه ، فأراد الله تعالى ذكره تبرئة سليمان مما نحلوه وأضافوا إليه مما كانوا وجدوه إما في خزائنه وإما تحت كرسيه ، على ما جاءت به الآثار التي قد ذكرناها من ذلك .
فحصر الخبر عما كانت اليهود اتبعته فيما تلته الشياطين أيام سليمان دون غيره لذلك السبب ، وإن كان الشياطين قد كانت تالية للسحر والكفر قبل ذلك .
القول في تأويل قوله تعالى : وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت .
اختلف أهل العلم في تأويل ما التي في قوله : وما أنزل على الملكين فقال بعضهم : معناه الجحد وهي بمعنى لم . ذكر من قال ذلك :
1389 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال :
حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت فإنه يقول : لم ينزل الله السحر .
1390 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثني حكام عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس :
وما أنزل على الملكين قال : ما أنزل الله عليهما السحر .
فتأويل الآية على هذا المعنى الذي ذكرناه عن ابن عباس والربيع من توجيههما معنى قوله : وما أنزل على الملكين إلى : ولم ينزل على الملكين ، واتبعوا الذي تتلوا الشياطين على ملك سليمان من السحر ، وما كفر سليمان ولا أنزل الله السحر على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت ، فيكون حينئذ قوله : ببابل وهاروت وماروت من المؤخر الذي معناه التقديم .
فإن قال لنا قائل : وكيف وجه تقديم ذلك ؟ قيل : وجه تقديمه أن يقال : واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما أنزل على الملكين ، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت . فيكون معنيا بالملكين : جبريل وميكائيل لان سحرة