القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) * قد دللنا فيما مضى من كتابنا هذا على أن الميثاق مفعال ، من التوثق باليمين ونحوها من الأمور التي تؤكد القول . فمعنى الكلام إذا : واذكروا أيضا يا معشر بني إسرائيل إذ أخذنا ميثاقكم لا تعبدون إلا الله . كما :
حدثني به ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، قال : حدثني ابن إسحاق ، قال :
حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس : وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل أي ميثاقكم لا تعبدون إلا الله .
قال أبو جعفر : والقراءة مختلفة في قراءة قوله : لا تعبدون فبعضهم يقرؤها بالتاء ، وبعضهم يقرؤها بالياء ، والمعنى في ذلك واحد . وإنما جازت القراءة بالياء والتاء وأن يقال : لا تعبدون ، ولا يعبدون وهم غيب لان أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف ، فكما تقول : استحلفت أخاك ليقومن ، فتخبر عنه خبرك عن الغائب لغيبته عنك ، وتقول : استحلفته لتقومن ، فتخبر عنه خبرك عن المخاطب لأنك قد كنت خاطبته بذلك ، فيكون ذلك صحيحا جائزا ، فكذلك قوله : وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله ولا يعبدون . من قرأ ذلك بالتاء فمعنى الخطاب إذ كان الخطاب قد كان بذلك ، ومن قرأ بالياء فلأنهم ما كانوا مخاطبين بذلك في وقت الخبر عنهم . وأما رفع لا تعبدون فبالتاء التي في تعبدون ، ولا ينصب ب أن التي كانت تصلح أن تدخل مع : لا تعبدون إلا الله لأنها إذا صلح دخولها على فعل فحذفت ولم تدخل كان وجه الكلام فيه الرفع كما قال جل ثناؤه : قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون فرفع أعبد إذ لم تدخل فيها أن بالألف الدالة على معنى الاستقبال . وكما قال الشاعر :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى * وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي فرفع أحضر وإن كان يصلح دخول أن فيها ، إذ حذفت بالألف التي تأتي بمعنى الاستقبال . وإنما صلح حذف أن من قوله : وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون