responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 315


وعلمه بذلك وفضله ، فقال : أنبئوني إن كنتم صادقين ، كما يقول الرجل للرجل : أنبئني بهذا إن كنت تعلم ، وهو يعلم أنه لا يعلم ، يريد أنه جاهل . وهذا قول إذا تدبره متدبر علم أن بعضه مفسد بعضا ، وذلك أن قائله زعم أن الله جل ثناؤه قال للملائكة إذ عرض عليهم أهل الأسماء : ( أنبئوني بأسماء هؤلاء ) وهو يعلم أنهم لا يعلمون ، ولا هم ادعوا علم شئ يوجب أن يوبخوا بهذا القول . وزعم أن قوله : ( إن كنتم صادقين ) نظير قول الرجل للرجل : أنبئني بهذا إن كنت تعلم ، وهو يعلم أنه لا يعلم ، يريد أنه جاهل . ولا شك أن معنى قوله : ( إن كنتم صادقين ) إنما هو إن كنتم صادقين ، إما في قولكم ، وإما في فعلكم ، لان الصدق في كلام العرب إنما هو صدق في الخبر لا في العلم ، وذلك أنه غير معقول في لغة من اللغات أن يقال صدق الرجل بمعنى علم . فإذا كان ذلك كذلك فقد وجب أن يكون الله جل ثناؤه قال للملائكة على تأويل قول هذا الذي حكينا قوله في هذه الآية :
( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) وهو يعلم أنهم غير صادقين ، يريد بذلك أنهم كاذبون . وذلك هو عين ما أنكره ، لأنه زعم أن الملائكة لم تدع شيئا ، فكيف جاز أن يقال لهم : إن كنتم صادقين فانبئوني بأسماء هؤلاء ؟ هذا مع خروج هذا القول الذي حكيناه عن صاحبه من أقوال جميع المتقدمين والمتأخرين من أهل التأويل والتفسير .
وقد حكي عن بعض أهل التفسير أنه كان يتأول قوله : ( إن كنتم صادقين ) بمعنى : إذ كنتم صادقين . ولو كانت " إن " بمعنى " إذ " في هذا الموضع لوجب أن تكون قراءتها بفتح ألفها ، لان " إذ " إذا تقدمها فعل مستقبل صارت علة للفعل وسببا له ، وذلك كقول القائل :
أقوم إذ قمت ، فمعناه : أقوم من أجل أنك قمت ، والامر بمعنى الاستقبال . فمعنى الكلام لو كانت إن بمعنى إذ : أنبئوني بأسماء هؤلاء من أجل أنكم صادقون . فإذا وضعت " إن " مكان ذلك ، قيل : " أنبئوني بأسماء هؤلاء أن كنتم صادقين " مفتوحة الألف ، وفي إجماع جميع قراء أهل الاسلام على كسر الألف من " إن " دليل واضح على خطأ تأويل من تأول " إن " بمعنى " إذ " في هذا الموضع . القول في تأويل قوله تعالى :
( قالوا سبحنك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ( 32 ) ) قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله ذكره عن ملائكته بالأوبة إليه ، وتسليم علم ما لم يعلموه له ، وتبريهم من أن يعلموا أو يعلم أحد شيئا إلا ما علمه تعالى ذكره .
وفي هذه الآيات الثلاث العبرة لمن اعتبر ، والذكرى لمن ادكر ، والبيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، عما أودع الله جل ثناؤه آي هذا القرآن من لطائف الحكم

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست