فأحييت لي ذكري وما كنت خاملا ولكن بعض الذكر أنبه من بعض يريد بقوله : فأحييت لي ذكري : أي رفعته وشهرته في الناس حتى نبه فصار مذكورا حيا بعد أن كان خاملا ميتا .
فكذلك تأويل قول من قال في قوله : وكنتم أمواتا لم تكونوا شيئا : أي كنتم خمولا لا ذكر لكم ، وذلك كان موتكم ، فأحياكم فجعلكم بشرا أحياء تذكرون وتعرفون ، ثم يميتكم بقبض أرواحكم وإعادتكم كالذي كنتم قبل أن يحييكم من دروس ذكركم ، وتعفي آثاركم ، وخمول أموركم ثم يحييكم بإعادة أجسامكم إلى هيئاتها ونفخ الروح فيها وتصييركم بشرا كالذي كنتم قبل الإماتة لتعارفوا في بعثكم وعند حشركم .
وأما وجه تأويل من تأول ذلك أنه الإماتة التي هي خروج الروح من الجسد ، فإنه ينبغي أن يكون ذهب بقوله : وكنتم أمواتا إلى أنه خطاب لأهل القبور بعد إحيائهم في قبورهم . وذلك معنى بعيد ، لان التوبيخ هنالك إنما هو توبيخ على ما سلف وفرط من إجرامهم لا استعتاب واسترجاع . وقوله جل ذكره : كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا توبيخ مستعتب عباده ، وتأنيب مسترجع خلقه من المعاصي إلى الطاعة ومن الضلالة إلى الإنابة ، ولا إنابة في القبور بعد الممات ولا توبة فيها بعد الوفاة .
وأما وجه تأويل قول قتادة ذلك : أنهم كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم . فإنه عنى بذلك أنهم كانوا نطفا لا أرواح فيها ، فكانت بمعنى سائر الأشياء الموات التي لا أرواح فيها .
وإحياؤه إياها تعالى ذكره : نفخه الأرواح فيها وإماتته إياهم بعد ذلك قبضه أرواحهم ، وإحياؤه إياهم بعد ذلك : نفخ الأرواح في أجسامهم يوم ينفخ في الصور ويبعث الخلق للموعود .
وأما ابن زيد فقد أبان عن نفسه ما قصد بتأويله ذلك ، وأن الإماتة الأولى عند إعادة الله جل ثناؤه عباده في أصلاب آبائهم بعد ما أخذهم من صلب آدم ، وأن الاحياء