ويهدي به يعني بالمثل كثيرا من أهل الايمان والتصديق ، فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم ، لتصديقهم بما قد علموه حقا يقينا أنه موافق ما ضربه الله له مثلا وإقرارهم به ، وذلك هداية من الله لهم به .
وقد زعم بعضهم أن ذلك خبر عن المنافقين ، كأنهم قالوا : ماذا أراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدي به هذا . ثم استؤنف الكلام والخبر عن الله فقال الله :
وما يضل به إلا الفاسقين وفيما في سورة المدثر من قول الله : وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ما ينبئ عن أنه في سورة البقرة كذلك مبتدأ ، أعني قوله : يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا .
القول في تأويل قوله تعالى : وما يضل به إلا الفاسقين .
وتأويل ذلك ما :
حدثني به موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي ( ص ) : وما يضل به إلا الفاسقين : هم المنافقون .
وحدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : وما يضل به إلا الفاسقين فسقوا فأضلهم الله على فسقهم .
وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : وما يضل به إلا الفاسقين : هم أهل النفاق .
قال أبو جعفر : وأصل الفسق في كلام العرب : الخروج عن الشئ ، يقال منه :
فسقت الرطبة ، إذا خرجت من قشرها ومن ذلك سميت الفأرة فويسقة ، لخروجها عن جحرها . فكذلك المنافق والكافر سميا فاسقين لخروجهما عن طاعة ربهما ، ولذلك قال جل ذكره في صفة إبليس : إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه يعني به : خرج عن طاعته واتباع أمره . كما :
حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني ابن إسحاق عن داود بن