الطبيخ والشواء والحلوى ، فيقول المقول له ذاك : هذا طعامي في منزلي . يعني ذلك أن النوع الذي ذكر له صاحبه أنه أعده له من الطعام هو طعامه ، لان أعيان ما أخبره صاحبه أنه قد أعده له هو طعامه . بل ذلك مما لا يجوز لسامع سمعه يقول ذلك أن يتوهم أنه أراده أو قصده ، لان ذلك خلاف مخرج كلام المتكلم ، وإنما يوجه كلام كل متكلم إلى المعروف في الناس من مخارجه دون المجهول من معانيه . فكذلك ذلك في قوله : ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) إذ كان ما كانوا رزقوه من قبل قد فني وعدم ، فمعلوم أنهم عنوا بذلك هذا من النوع الذي رزقناه من قبل ، ومن جنسه في السمات [1] والألوان على ما قد بينا من القول في ذلك في كتابنا هذا [2] .
القول في تأول قوله : ( وأتوا به متشابها ) .
قال أبو جعفر : والهاء في قوله : ( وأتوا به متشابها ) عائدة على الرزق ، فتأويله :
وأتوا بالذي رزقوا من ثمارها متشابها .
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل المتشابه في ذلك ، فقال بعضهم : تشابهه أن كله خيار لا رذل فيه . ذكر من قال ذلك :
432 - حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا أبو عامر عن الحسن في قوله : ( متشابها ) قال : خيارا كلها لا رذل فيها .
433 - وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء : قرأ الحسن آيات من البقرة ، فأتى على هذه الآية : ( وأتوا به متشابها ) قال : ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه ؟ وإن ذلك ليس فيه رذل ! !
434 - وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، قال : قال الحسن : ( وأتوا به متشابها ) قال : يشبه بعضه بعضا ليس فيه من رذل .
435 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : ( وأتوا به متشابها ) أي خيارا لا رذل فيه ، وأن ثمار الدنيا ينقى منها ويرذل منها ، وثمار الجنة كله لا يرذل منه شئ .