على سائر الأمم من المنازل الرفيعة ، وحباهم به من الكرامة السنية ، حفظه ما حفظ جل ذكره وتقدست أسماؤه عليهم من وحيه وتنزيله ، الذي جعله على حقيقة نبوة نبيهم ( صلى الله عليه وسلم ) دلالة ، وعلى ما خصه به من الكرامة علامة واضحة وحجة بالغة ، أبانه به من كل كاذب ومفتر ، وفصل به بينهم وبين كل جاحد وملحد ، وفرق به بينهم وبين كل كافر ومشرك ، الذي لو اجتمع جميع من بين أقطارها ، من جنها وإنسها ، وصغيرها وكبيرها ، على أن يأتوا بسورة من مثله ، لم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا [1] . فجعله لهم في دجى الظلم نورا ساطعا ، وفي سدف [2] الشبه شهابا لامعا ، وفي معضلة المسالك دليلا هاديا ، وإلى سبل النجاة والحق حاديا ( يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) [3] . حرسه بعين منه لا تنام ، وحاطه بركن منه لا يضام ، لا تهي [4] على الأيام دعائمه ، ولا تبيد على طول الأزمان معالمه ، ولا يجور عن قصد المحجة [5] تابعة ، ولا يضل عن سبل الهدى مصاحبه . من اتبعه فاز وهدى ، ومن حاد عنه ضل وغوى . فهو موئلهم الذي عند الاختلاف يئلون [6] ، ومعقلهم الذي إليه في النوازل يعتقلون [7] ، وحصنهم الذي به من وساوس الشيطان يتحصنون ، وحكمة ربهم التي إليها يحتكمون ، وفصل قضائه بينهم الذي إليه ينتهون ، وعن الرضا به يصدرون ، وحبله الذي بالتمسك به من الهلكة يعتصمون .
اللهم فوفقنا لإصابة صواب القول ، في محكمه ومتشابهه ، وحلاله وحرامه ، وعامه وخاصه ، ومجمله ومفسره ، وناسخه ومنسوخه ، وظاهره وباطنه ، وتأويل آية ، وتفسير مشكله . وألهمنا التمسك به ، والاعتصام بمحكمه ، والثبات على التسليم لمتشابهه ، وأوزعنا الشكر على ما أنعمت به علينا ، من حفظه والعلم بحدوده ، إنك سميع الدعاء ، قريب الإجابة ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله ، وسلم تسليما كثيرا .