وهو مصدر من قولك : رابني الشئ يريبني ريبا . ومن ذلك قول ساعدة بن جؤية الهذلي :
فقالوا تركنا الحي قد حصروا به فلا ريب أن قد كان ثم لحيم ويروى : حصروا ، وحصروا ، والفتح أكثر ، والكسر جائز . يعني بقوله :
حصروا به : أطافوا به ، ويعني بقوله : لا ريب فيه لا شك فيه ، وبقوله : أن قد كان ثم لحيم ، يعني قتيلا ، يقال : قد لحم إذا قتل . والهاء التي في فيه عائدة على الكتاب ، كأنه قال : لا شك في ذلك الكتاب أنه من عند الله هدى للمتقين .
القول في تأويل قوله تعالى : هدى .
212 - حدثني أحمد بن حازم الغفاري ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن بيان ، عن الشعبي : هدى قال : هدى من الضلالة .
213 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط بن نصر ، عن إسماعيل السدي ، في خبر ذكره عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي ( ص ) : هدى للمتقين يقول : نور للمتقين .
والهدى في هذا الموضع مصدر من قولك : هديت فلانا الطريق إذا أرشدته إليه ، ودللته عليه ، وبينته له أهديه هدى وهداية .
فإن قال لنا قائل : أو ما كتاب الله نورا إلا للمتقين ولا رشادا إلا للمؤمنين ؟ قيل : ذلك كما وصفه ربنا عز وجل ، ولو كان نورا لغير المتقين ، ورشادا لغير المؤمنين لم يخصص الله عز وجل المتقين بأنه لهم هدى ، بل كان يعم به جميع المنذرين ولكنه هدى للمتقين ، وشفاء لما في صدور المؤمنين ، ووقر في آذان المكذبين ، وعمي لابصار الجاحدين ، وحجة لله بالغة على الكافرين فالمؤمن به مهتد ، والكافر به محجوج .