responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 126


كسبا ويوجده الله جل ثناؤه عينا منشأة ؟ بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسبه كسبا له بالقوة منه عليه والاختيار منه له ، وإلى الله جل ثناؤه بإيجاد عينه وانشائها تدبيرا .
مسألة يسأل عنها أهل الالحاد الطاعنون في القران إن سألنا منهم سائل فقال : إنك قد قدمت في أول كتابك هذا في وصف البيان بأن أعلاه درجة وأشرفه مرتبة ، أبلغه في الإبانة عن حاجة المبين به عن نفسه وأبينه عن مراد قائله وأقربه من فهم سامعه ، وقلت مع ذلك إن أولى البيان بأن يكون كذلك كلام الله جل ثناؤه بفضله على سائر الكلام وبارتفاع درجته على أعلى درجات البيان . فما الوجه إذ كان الامر على ما وصفت في إطالة الكلام بمثل سورة أم القرآن بسبع آيات ؟ وقد حوت معاني جميعها منها آيتان ، وذلك قوله : ( مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين ) إذ كان لا شك أن من عرف : ( ملك يوم الدين ) فقد عرفه بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى . وأن من كان لله مطيعا ، فلا شك أنه لسبيل من أنعم الله عليه في دينه متبع ، وعن سبيل من غضب عليه وضل منعدل ، فما في زيادة الآيات الخمس الباقية من الحكمة التي لم تحوها الآيتان اللتان ذكرنا ؟
قيل له : إن الله تعالى ذكره جمع لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولامته بما أنزل إليه من كتابه معاني لم يجمعهن بكتاب أنزله إلى نبي قبله ولا لامة من الأمم قبلهم . وذلك أن كل كتاب أنزله جل ذكره على نبي من أنبيائه قبله ، فإنما أنزل ببعض المعاني التي يحوي جميعها كتابه الذي أنزله إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كالتوراة التي هي مواعظ وتفصيل ، والزبور الذي هو تحميد وتمجيد ، والإنجيل الذي هو مواعظ وتذكير ، لا معجزة في واحد منها تشهد لمن أنزل إليه بالتصديق . والكتاب الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحوي معاني ذلك كله ، ويزيد عليه كثيرا من المعاني التي سائر الكتب غيره منها خال ، وقد قدمنا ذكرها فيما مضى من هذا الكتاب . ومن أشرف تلك المعاني التي فضل بها كتابنا سائر الكتب قبله : نظمه العجيب ، ورصفه [1] الغريب ، وتأليفه البديع ، الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الخطباء ، وكلت عن وصف شكل بعضه البلغاء ، وتحيرت في تأليفه الشعراء ، وتبلدت قصورا عن أن تأتي بمثله لديه أفهام الفهماء . فلم يجدوا له إلا ا لتسليم ، والاقرار بأنه من عند الواحد القهار ، مع ما يحوي مع ذلك من المعاني التي هي ترغيب ، وترهيب ، وأمر ، وزجر ،



[1] رصف الشئ : ضم بعضه إلى بعض ونظمه حتى يكون مستويا محكما منضدا .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست