responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 125


فإن قال قائل :
أو ليس ذلك أيضا من صفة اليهود ؟ قيل : بلى . فإن قال : كيف خص النصارى بهذه الصفة ، وخص اليهود بما وصفهم به من أنهم مغضوب عليهم ؟ قيل : إن كان الفريقين ضلال مغضوب عليهم ، غير أن الله جل ثناؤه وسم كل فريق منهم من صفته لعباده بما يعرفونه به إذا ذكره لهم ، أو أخبرهم عنه ، ولم يسم واحدا من الفريقين إلا بما هو له صفة على حقيقته ، وإن كان له من صفات الذم زيادات عليه . وقد ظن بعض أهل الغباء من القدرية أن في وصف الله جل ثناؤه النصارى بالضلال بقوله : ( ولا الضالين ) وإضافته الضلال إليهم دون إضافة إضلالهم إلى نفسه ، وتركه وصفهم بأنهم المضللون كالذي وصف به اليهود أنهم المغضوب عليهم ، دلالة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة القدرية جهلا منه بسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه . ولو كان الامر على ما ظنه الغبي الذي وصفنا شأنه لوجب أن يكون شأن كل موصوف بصفة أو مضاف إليه فعل لا يجوز أن يكون فيه سبب لغيره ، وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك لغيره سبب فالحق فيه أن يكون مضافا إلى مسببه ، ولو وجب ذلك لوجب أن يكون خطأ قول القائل : " تحركت الشجرة " إذا حركتها الرياح ، و " اضطربت الأرض " إذا حركتها الزلزلة ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكتاب .
وفي قول الله جل ثناؤه : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ) [1] بإضافته الجري إلى الفلك وإن كان جريها غيرها إياها ، ما يدل على خطأ التأويل الذي تأوله من وصفنا قوله في قوله : ( ولا الضالين ) ، وادعائه أن في نسبة الله جل ثناؤه الضلالة إلى من نسبها إليه من النصارى تصحيحا لما ادعى المنكرون أن يكون لله جل ثناؤه في أفعال خلقه سبب من أجله وجدت أفعالهم ، مع إبانة الله عز ذكره نصا في آي كثيرة من تنزيله أنه المضل الهادي ، فمن ذلك قوله جل ثناؤه : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) [2] فأنبأ جل ذكره أنه المضل الهادي دون غيره .
ولكن القرآن نزل بلسان العرب ، على ما قد قدمنا البيان عنه في أول الكتاب . ومن شأن العرب إضافة الفعل إلى من وجد منه ، وإن كان مسببه غير الذي وجد منه أحيانا ، وأحيانا إلى مسببه ، وإن كان الذي وجد منه الفعل غيره . فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد



[1] سورة يونس ، الآية : 22 .
[2] سورة الجاثية ، الآية : 23 .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست