responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 925


الأمين ، وهو مكة المكرمة ، أفضل البلدان على الإطلاق ، خصوصا وقت حلول الرسول صلى الله عليه وسلم فيها . * ( ووالد وما ولد ) * ، أي : آدم وذريته . والمقسم عليه قوله : * ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) * يحتمل أن المراد بذلك ما يكابده الإنسان ويقاسيه ، من الشدائد في الدنيا ، وفي البرزخ ، ويوم يقوم الأشهاد . وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد ، ويوجب له الفرح والسرور الدائم . وإن لم يفعل ، فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد ، أبد الآباد . ويحتمل أن المعنى : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ، وأقوم خلقة ، يقدر على التصرف والأعمال الشديدة . ومع ذلك ، فإنه لم يشكر الله على هذه النعمة العظيمة ، بل بطر بالعافية وتجبر على خالقه ، فحسب بجهله وظلمه أن هذه الحال ستدوم له ، وأن سلطان تصرفه لا ينعزل ، ولهذا قال : * ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) * ويطغى ويفتخر بما أنفق من الأموال على شهوات نفسه ، حيث * ( يقول أهلكت مالا لبدا ) * ، أي : كثيرا ، بعضه فوق بعض . وسمى الله الإنفاق في الشهوات والمعاصي إهلاكا ، لأنه لا ينتفع المنفق بما أنفق ، ولا يعود إليه من إنفاقه إلا الندم والخسارة ، والتعب والقلة ، لا كمن أنفق في مرضاة الله ، في سبيل الخير ، فإن هذا قد تاجر مع الله ، وربح أضعاف أضعاف ما أنفق . قال الله متوعدا هذا الذي افتخر بما أنفق في الشهوات : * ( أيحسب أن لم يره أحد ) * ، أي : أيظن في فعله هذا ، أن الله لا يراه ولا يحاسبه على الصغير والكبير ؟ بل قد رآه الله ، وحفظ عليه أعماله ، ووكل به الكرام الكاتبين ، لكل ما عمله من خير وشر . ثم قرره بنعمه ، فقال : * ( ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ) * للجمال والبصر ، والنطق ، وغير ذلك من المنافع الضرورية فيها ، فهذه نعم الدنيا . ثم قال في نعم الدين : * ( وهديناه النجدين ) * ، أي : طريقي الخير والشر ، بينا له الهدى من الضلال ، والرشد من الغي . فهذه المنن الجزيلة ، تقتضي من العبد أن يقوم بحقوق الله ، ويشكره على نعمه ، وأن لا يستعين بها على معاصي الله ، ولكن هذا الإنسان لم يفعل ذلك . * ( فلا اقتحم العقبة ) * ، أي : لم يقتحمها ويعبر عليها ، لأنه متبع لهواه . وهذه العقبة شديدة عليه ، ثم فسر هذه العقبة بقوله : * ( وما أدراك ما العقبة فك رقبة ) * ، أي : فكها من الرق ، بعتقها أو مساعدتها على أداء كتابتها ، ومن باب أولى فكاك الأسير المسلم عند الكفار . * ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) * ، أي : مجاعة شديدة ، بأن يطعم وقت الحاجة ، أشد الناس حاجة . * ( يتيما ذا مقربة ) * جامعا بين كونه يتيما ، وفقيرا ذا قرابة . * ( أو مسكينا ذا متربة ) * ، أي : قد لزق بالتراب من الحاجة والضرورة . * ( ثم كان من الذين آمنوا ) * وعملوا الصالحات ، أي : آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به ، وعملوا الصالحات بجوارحهم . فدخل في هذا كل قول وفعل واجب أو مستحب . * ( وتواصوا بالصبر ) * على طاعة الله ، وعن معصيته ، وعلى أقداره المؤلمة بأن يحث بعضهم بعضا ، على الانقياد لذلك ، والإتيان به ، كاملا منشرحا به الصدر ، مطمئنة به النفس . * ( وتواصوا بالمرحمة ) * للخلق ، من إعطاء محتاجهم ، وتعليم جاهلهم ، والقيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه ، ومساعدتهم على المصالح الدينية والدنيوية ، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه . أولئك قاموا بهذه الأوصاف ، والذين وفقهم الله لاقتحام العقبة * ( أولئك أصحاب الميمنة ) * لأنهم أدوا ما أمر الله به من حقوقه وحقوق عباده ، وتركوا ما نهوا عنه ، وهذا عنوان السعادة وعلامتها . * ( والذين كفروا بآياتنا ) * بأن نبذوا هذه الأمور وراء ظهورهم ، فلم يصدقوا بالله ، ولا آمنوا به ، ولا عملوا صالحا ، ولا رحموا عباد الله . * ( هم أصحاب المشئمة * عليهم نار مؤصدة ) * ، أي : مغلقة ، في عمد ممددة ،

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 925
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست