responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 907


حميما وغساقا * جزاء وفاقا * إنهم كانوا لا يرجون حسابا * وكذبوا بآياتنا كذابا * وكل شيء أحصيناه كتابا * فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) * ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة الذي يتساءل عنه المكذبون ، ويجحده المعاندون ، أنه يوم عظيم ، وأن الله جعله * ( ميقاتا ) * للخلق * ( ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ) * ، ويجري فيه من الزعازع والقلاقل ما يشيب له المولود ، وتنزعج له القلوب . فتسير الجبال ، حتى تكون كالهباء المبثوث ، وتنشق السماء حتى تكون أبوابا ، ويفصل الله بين الخلائق ، بحكمه الذي لا يجور ، وتوقد نار جهنم التي أرصدها الله ، وأعدها للطاغين وجعلها مثوى لهم ومآبا ، وأنهم يلبثون فيها أحقابا كثيرة ، و ( الحقب ) على ما قاله كثير من المفسرين : ثمانون سنة . فإذا وردوها * ( لا يذوقون فيها بردا ) * ، أي : لا ما يبرد جلودهم ، ولا ما يدفع ظمأهم . * ( إلا حميما ) * ، أي : ماء حارا ، يشوي وجوههم ، ويقطع أمعاءهم . * ( وغساقا ) * وهو صديد أهل النار ، الذي هو في غاية النتن ، وكراهة المذاق . وإنما استحقوا هذه العقوبات الفظيعة * ( جزاء وفاقا ) * لهم على ما عملوا من الأعمال الموصلة إليها ، لم يظلمهم الله ، ولكن ظلموا أنفسهم ، ولهذا ذكر أعمالهم ، التي استحقوا بها هذا الجزاء ، فقال : * ( إنهم كانوا لا يرجون حسابا ) * ، أي : لا يؤمنون بالبعث ، ولا أن الله يجازي الخلق ، بالخير والشر ، فلذلك أهملوا العمل للآخرة . * ( وكذبوا بآياتنا كذابا ) * ، أي : كذبوا بها ، تكذيبا واضحا ، صريحا ، وجاءتهم البينات فعاندوها . * ( وكل شيء ) * من قليل أو كثير ، وخير وشر * ( أحصيناه كتابا ) * ، أي : أثبتناه في اللوح المحفوظ ، فلا يحسب المجرمون ، أنا عذبناهم بذنوب لم يعملوها ، ولا يحسبوا أنه يضيع من أعمالهم شيء ، أو ينسى منها مثال ذرة . كما قال تعالى : * ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما علموا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ) * . * ( فذوقوا ) * أيها المكذبون هذا العذاب الأليم ، والخزي الدائم * ( فلن نزيدكم إلا عذابا ) * ، فكل وقت وحين يزداد عذابهم . وهذه الآية أشد الآيات في شدة عذاب أهل النار ، أجارنا الله منها . * ( إن للمتقين مفازا * حدآئق وأعنابا * وكواعب أترابا * وكأسا دهاقا * لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا * جزاء من ربك عطاء حسابا ) * لما ذكر حال المجرمين ، ذكر مآل المتقين ، فقال : * ( إن للمتقين مفازا ) * ، أي : الذين اتقوا سخط ربهم ، بالتمسك بطاعته ، والانكفاف عن معصيته فلهم مفاز ومنجى ، وبعد عن النار . وفي ذلك المفاز لهم * ( حدائق ) * وهي البساتين الجامعة لأصناف الأشجار الزاهية بالثمار . * ( وأعنابا ) * تنفجر خلالها الأنهار ، وخص العنب لشرفه وكثرته في تلك الحدائق . ولهم فيها زوجات على مطالب النفوس * ( كواعب ) * ، وهي النواهد ، اللاتي لم ينكسر ثديهن من شبابهن وقوتهن ونضارتهن . * ( أترابا ) * ، أي : على سن واحد متقارب . ومن عادة الأتراب أن يكن متآلفات ، متعاشرات ، وذلك السن الذي هن فيه ثلاث وثلاثون سنة ، أعدل ما يكون من الشباب . * ( وكأسا دهاقا ) * ، أي : مملوءة من رحيق ، لذة للشاربين . * ( لا يسمعون فيها لغوا ) * ، أي : كلاما لا فائدة فيه * ( ولا كذابا ) * ، أي : إثما . كما قال تعالى : * ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما ) * . وإنما أعطاهم الله هذا الثواب الجزيل من فضله وإحسانه * ( جزاء من ربك عطاء حسابا ) * ، أي : بسبب أعمالهم التي وفقهم الله لها ، وجعلها سببا للوصول إلى كرامته .

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 907
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست