responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 839


عنها ، ثم يعود الملك إلى مالكه ، تبارك وتعالى . فاغتنموا الإنفاق ، ما دامت الأموال في أيديكم ، وانتهزوا الفرصة . ثم ذكر تعالى ، تفاضل الأعمال بحسب الأحوال والحكمة الإلهية ، فقال : * ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) * ، المراد بالفتح هنا هو : فتح الحديبية حين جرى من الصلح بين الرسول وبين قريش مما هو أعظم الفتوحات التي حصل فيها نشر الإسلام ، واختلاط المسلمين بالكافرين ، والدعوة إلى الدين من غير معارض ، فدخل الناس من ذلك الوقت في دين الله أفواجا واعتز الإسلام عزا عظيما . وكان المسلمون قبل هذا الفتح لا يقدرون على الدعوة إلى الدين في غير البقعة التي أسلم أهلها ، كالمدينة وتوابعها . وكان من أسلم من أهل مكة وغيرها ، من ديار المشركين ، يؤذى ويخاف ، فلذلك كان من أسلم قبل الفتح وقاتل ، أعظم درجة وأجرا وثوابا ممن لم يسلم ويقاتل وينفق إلا بعد ذلك ، كما هو مقتضى الحكمة ، ولهذا كان السابقون وفضلاء الصحابة ، غالبهم أسلم قبل الفتح . ولما كان التفضيل بين الأمور قد يتوهم منه نقص وقدح في المفضول ، احترز تعالى من هذا بقوله : * ( وكلا وعد الله الحسنى ) * ، أي : الذين أسلموا وقاتلوا وأنفقوا من قبل الفتح وبعده ، كلهم وعده الله الجنة ، وهذا يدل على فضل الصحابة كلهم ، رضي الله عنهم ، حيث شهد الله لهم بالإيمان ، ووعدهم الجنة . * ( والله بما تعملون خبير ) * فيجازى كلا منكم ، على ما يعمله من عمله . ثم حث على النفقة في سبيله ، لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه ، وبذل الأموال في التجهز له ، فقال : * ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) * وهي : النفقة الطيبة التي تكون خالصة لوجه الله ، موافقة لمراضاة الله ، من مال حلال طيب ، طيبة به نفسه ، وهذا من كرم الله تعالى حيث سماه قرضا ، والمال ماله ، والعبيد عبيده ، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافا كثيرة ، وهو الكريم الوهاب . وتلك المضاعفة ، محلها ومواضعها ، يوم القيامة يوم يتبين كل إنسان فقره ، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن ، ولهذا قال : * ( يوم ترى المؤمنين ) * ، إلى : * ( وبئس المصير ) * . * ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم * يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ول كنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير ) * يقول تعالى مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة : * ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ) * ، أي : إذا كان يوم القيامة ، وكورت الشمس ، وخسف القمر ، وصار الناس في الظلمة ، ونصب الصراط على متن جهنم ، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فيمشون بإيمانهم ونورهم ، في ذلك الموقف الهائل الصعب ، كل على قدر إيمانه ، ويبشرون عند ذلك ، بأعظم بشارة ، فيقال : * ( بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم ) * . فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها لنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب محبوب ، ونجوا من كل شر ومرهوب . فإذا رأى المنافقون المؤمنين يمشون بنورهم ، وهم قد طفىء نورهم ، وبقوا في الظلمات حائرين ، قالوا للمؤمنين : * ( انظرونا نقتبس من نوركم ) * ، أي : أمهلونا ، لننال من نوركم ما نمشي به ، لننجو من العذاب . * ( قيل ) * لهم : * ( ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا ) * ، أي : إن كان ذلك ممكنا ، والحال أن ذلك غير ممكن ، بل هو من المحالات . * ( فضرب بينهم ) * ، أي : بين المؤمنين والمنافقين * ( بسور ) * ، أي : حائط منيع ، وحصن حصين . * ( له باب باطنه فيه الرحمة ) * ، وهو الذي يلي المؤمنين ، * ( وظاهره من قبله العذاب ) * وهو الذي يلي المنافقين . فينادي المنافقون المؤمنين ، فيقولون تضرعا وترحما : * ( ألم نكن معكم ) * في الدنيا بقول ( لا إله إلا الله ) ، ونصلي ونصوم ، ونجاهد ، ونعمل مثل عملكم ؟ * ( قالوا بلى ) * كنتم معنا في الدنيا ، وعملتم في الظاهر ، مثل عملنا ، ولكن أعمالكم أعمال المنافقين ، من غير إيمان ، ولا نية صادقة صالحة . * ( ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم ) * ، أي : شككتم في خبر الله الذي لا يقبل شكا . * ( وغرتكم الأماني ) * الباطلة ، حيث تمنيتم أن تنالوا منال المؤمنين ، وأنتم غير موقنين . * ( حتى

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 839
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست