مثله ، البشر . فمن أعظم الآيات الدالة على صحة ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أنه لما طلب منه المكذبون أن يريهم من خوارق العادات ما يدل على صحة ما جاء به وصدقه ، أشار صلى الله عليه وسلم إلى القمر ، فانشق بإذن الله ، فلقتين ، فلقة على جبل أبي قبيس ، وفلقة على جبل قعيقعان . والمشركون وغيرهم يشاهدون هذه الآية العظيمة الكائنة في العالم العلوي ، التي لا يقدر الخلق على التمويه بها والتخييل . فشاهدوا أمرا ما رأوا مثله ، بل ولم يسمعوا أنه جرى لأحد من المرسلين قبله نظيره ، فانبهروا لذلك ، ولم يدخل الإيمان في قلوبهم ، ولم يرد الله بهم خيرا ، ففزعوا إلى بهتهم وطغيانهم ، وقالوا : سحرنا محمد . ولكن علامة ذلك أنكم تسألون من ورد عليكم من السفر ، فإنه إن قدر على سحركم ، لم يقدر أن يسحر من ليس مشاهدا مثلكم ، فسألوا كل من قدم ، فأخبروهم بوقوع ذلك ، فقالوا : * ( سحر مستمر ) * ، سحرنا محمد ، وسحر غيرنا . وهذا من البهت الذي لا يروج إلا على أسفه الخلق وأضلهم عن الهدى والعقل ، وهذا ليس إنكارا منهم لهذه الآية وحدها ، بل كل آية تأتيهم ، فإنهم مستعدون لمقابلتها بالتكذيب والرد لها ، ولهذا قال : * ( وإن يروا آية يعرضوا ) * فليس قصدهم اتباع الحق والهدى ، وإنما مقصودهم اتباع الهوى ، ولهذا قال : * ( وكذبوا واتبعوا أهواءهم ) * ، كقوله تعالى : * ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ) * . فإنه لو كان قصدهم اتباع الهدى ، لآمنوا قطعا ، واتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، لأن الله أراهم على يديه من البينات والبراهين ، والحجج القواطع ، ما دل على جميع المطالب الإلهية ، والمقاصد الشرعية . * ( وكل أمر مستقر ) * ، أي : إلى الآن ، لم يبلغ الأمر غايته ومنتهاه ، وسيصير الأمر إلى آخره ، فالمصدق يتقلب في جنات النعيم ، ومغفرة الله ورضوانه ، والمكذب يتقلب في سخط الله وعذابه ، خالدا مخلدا أبدا . وقال تعالى مبينا أنهم ليس لهم قصد صحيح ، واتباع للهدى : * ( ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ) * ، أي : زاجر يزجرهم عن غيهم وضلالهم ، وذلك * ( حكمة ) * منه تعالى * ( بالغة ) * ، أي : لتقوم حجته على العالمين ، ولا يبقى لأحد على الله حجة بعد الرسل . * ( فما تغني النذر ) * لقوله تعالى : * ( ولو جاءتهم كل آية لا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) * . * ( فتول عنهم يوم يدعو الداع إلى شيء نكر * خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ) * يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : قد بان أن المكذبين لا حيلة في هداهم ، فلم يبق إلا الإعراض عنهم ، فقال * ( فتول عنهم ) * وانتظر بهم يوما عظيما وهولا جسيما . وذلك * ( يوم يدع الداع ) * وهو إسرافيل عليه السلام * ( إلى شيء نكر ) * ، أي : إلى أمر فظيع ، تنكره الخليقة ، فلم تر منظرا أفظع ولا أوجع منه ، فينفخ إسرافيل نفخة ، يخرج بها الأموات من قبورهم لموقف القيامة . * ( خشعا أبصارهم ) * ، أي : من الهول والفزع ، الذي وصل إلى قلوبهم ، فخضعت وذلت ، وخشعت لذلك أبصارهم . * ( يخرجون من الأجداث ) * ، وهي القبور ، * ( كأنهم ) * من كثرتهم ، وروجان بعضهم ببعض * ( جراد منتشر ) * ، أي : مبثوث في الأرض ، متكاثر جدا . * ( مهطعين إلى الداع ) * ، أي : مسرعين لإجابة نداء الداعي ، وهذا يدل على أن الداعي يدعوهم ويأمرهم بالحضور لموقف القيامة فيلبون دعوته ويسرعون إلى إجابته . * ( يقول الكافرون ) * الذين قد حضر عذابهم : * ( هذا يوم عسر ) * . * ( مهطعين إلى الداع يقول الكافرون ه ذا يوم عسر * كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنآ أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * لما ذكر تبارك وتعالى حال المكذبين لرسوله ، وأن الآيات لا تنفع فيهم ، ولا تجدي عليهم شيئا ، أنذرهم وخوفهم بعقوبات الأمم الماضية المكذبة للرسل ، وكيف أهلكهم الله ، وأحل بهم عقابه . فذكر قوم نوح ، أول رسول بعثه الله إلى قوم يعبدون الأصنام ، فدعاهم إلى توحيد الله ، وعبادته وحده لا شريك له ، فامتنعوا من ترك الشرك وقالوا : * ( لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) * . ولم يزل نوح يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا ، سرا وجهارا ، فلم يزدهم ذلك إلا عنادا وطغيانا وقدحا في نبيهم ، ولهذا قال هنا : * ( فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون ) * لزعمهم أن ما هم عليه وآباؤهم من الشرك والضلال هو الذي يدل عليه العقل ، وأن ما جاء به نوح عليه السلام جهل وضلال ، لا يصدر إلا من المجانين . وكذبوا في ذلك ، وقلبوا الحقائق الثابتة شرعا وعقلا ، فإن ما جاء به هو الحق الثابت ، الذي يرشد العقول النيرة المستقيمة ، إلى الهدى والنور ، والرشد ، وما هم عليه جهل وضلال . وقوله : * ( وازدجر ) * ، أي : زجره قومه وعنفوه لما دعاهم إلى الله تعالى . فلم يكفهم قبحهم الله عدم الإيمان به ، ولا تكذيبهم إياه حتى أوصلوا إليه من أذيتهم ما قدروا عليه ، وهكذا جميع أعداء الرسل ، هذه حالهم مع أنبيائهم . فعند ذلك دعا نوح ربه ، * ( أني مغلوب ) * لا قدرة لي على الانتصار منهم ، لأنه لم يؤمن من قومه إلا القليل النادر ، ولا قدرة لهم على مقاومة قومهم . * ( فانتصر ) * اللهم لي منهم ، وقال في الآية الأخرى : * ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) * الآيات . فأجاب الله سؤاله ، فانتصر له من قومه ، قال تعالى : * ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ) * ، أي : كثير جدا متتابع . * ( وفجرنا الأرض عيونا ) * فجعلت السماء ينزل منها من الماء شيء خارق للعادة ، وتفجرت الأرض كلها ، حتى التنور الذي لم تجر العادة بوجود الماء فيه ، فضلا عن كونه منبعا للماء ، لأنه موضع النار . * ( فالتقى الماء ) * ، أي : ماء السماء والأرض * ( على أمر ) * من الله له بذلك ، * ( قد قدر ) * ، أي : قد كتبه الله في الأزل وقضاه ، عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين . * ( وحملناه على ذات ألواح ودسر ) * ، أي : ونجينا عبدنا نوحا على السفينة ذات الألواح والدسر ، أي : المسامير التي قد سمرت بها ألواحها وشد بها أسرها . * ( تجري بأعيننا ) * ، أي : تجري بنوح ومن آمن معه ، ومن حمله من أصناف المخلوقات برعاية من الله ، وحفظ منه لها عن الغرق ، ونظر وكلاءة منه تعالى ، وهو نعم الحافظ والوكيل . * ( جزاء لمن كان كفر ) * ، أي : فعلنا بنوح ما فعلنا من النجاة من الغرق العام ، جزاء له حيث كذبه قومه وكفروا ، فصبر على دعوتهم ، واستمر على أمر الله ، فلم يرده عنه راد ، ولا صده عن ذلك صاد ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : * ( قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) * الآية . ويحتمل أن المراد : إنا أهلكنا قوم نوح ، وفعلنا بهم ما فعلنا من العذاب والخزي ، جزاء لهم على كفرهم وعنادهم ، وهذا متوجه على قراءة من قرأها بفتح الكاف . * ( ولقد تركناها آية فهل من مدكر ) * أي : ولقد تركنا قصة نوح مع قومه ، آية يتذكر بها المتذكرون ، على أن من عصى الرسل وعاندهم أهلكه الله بعقاب عام شديد ، أو أن الضمير يعود إلى السفينة وجنسها ، وأن أصل صنعتها تعليم من الله لرسوله نوح عليه السلام ، ثم أبقى الله صنعتها وجنسها بين الناس ليدلك ذلك ، على رحمته بخلقه ، وعنايته ، وكمال قدرته ، وبديع صنعته . * ( فهل من مدكر ) * ؟ أي : فهل من متذكر للآيات ، ملق ذهنه وفكرته لما يأتيه منها ، فإنها في غاية البيان واليسر ؟ * ( فكيف كان عذابي ونذر ) * ، أي : فكيف رأيت أيها المخاطب عذاب الله الأليم وإنذاره الذي لا يبقي لأحد عليه حجة . * ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * ، أي : ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم ، ألفاظه للحفظ والأداء ، ومعانيه للفهم والعلم ، لأنه أحسن الكلام لفظا ، وأصدقه معنى ، وأبينه تفسيرا ، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير ، وسهله عليه ، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العاملون من الحلال والحرام ، وأحكام الأمر والنهي ، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر ، والعقائد النافعة والأخبار الصادقة . ولهذا كان علم القرآن حفظا وتفسيرا ، أسهل العلوم ، وأجلها على الإطلاق ، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد ، أعين عليه ، وقال بعض السلف عند هذا الآية : هل من طالب علم فيعان عليه ؟ ولهذا يدعو الله عباده إلى الإقبال عليه والتذكر بقوله : * ( فهل من مدكر ) * . * ( كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * ( وعاد ) هي القبيلة المعروفة باليمن ، أرسل الله إليهم هودا عليه السلام يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته ، فكذبوه ، فأرسل الله عليه * ( ريحا صرصرا ) * ، أي : شديدة جدا . * ( في يوم نحس ) * ، أي : شديد العذاب والشقاء عليهم ، * ( مستمر ) * عليهم سبع ليال ، وثمانية أيام حسوما . * ( تنزع الناس ) * من شدتها ، فترفعهم إلى جو السماء ، ثم تدفعهم بالأرض فتهلكهم ، فيصبحون * ( كأنهم أعجاز نخل منقعر ) * ، أي : كأن جثثهم بعد هلاكهم ، مثل جذوع النخل الخاوي الذي اقتلعته الريح فسقط على الأرض ، فما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره * ( فكيف كان عذابي ونذر ) * ، كان والله العذاب الأليم ، والنذارة التي ما أبقت لأحد عليه حجة . * ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * كرر تعالى ذلك ، رحمة بعباده ، وعناية بهم ، حيث دعاهم إلى ما يصلح دنياهم وأخراهم . * ( كذبت ثمود بالنذر * فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنآ إذا لفي ضلال وسعر * أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الأشر * إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنآ أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * * ( كذبت ثمود ) * وهم القبيلة المعروفة المشهورة في أرض الحجر ، نبيهم صالحا صلى الله عليه وسلم ، حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأنذرهم العقاب ، إن هم خالفوه . فكذبوه واستكبروا عليه ، وقالوا كبرا وتيها : * ( أبشرا منا واحدا نتبعه ) * ، أي : كيف نتبع بشرا ، لا ملكا ، منا ، لا من غيرنا ، ممن هو أكبر عند الناس منا . ومع ذلك فهو شخص واحد * ( إنا إذا ) * ، أي : إن اتبعناه وهو في هذه الحالة ، * ( لفي ضلال وسعر ) * ، أي : لضالون أشقياء . وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم ، فإنهم أنفوا أن يتبعوا رسولا من البشر ، ولم يأنفوا أن يكونوا عابدين للشجر ، والحجر ، والصور . * ( أءلقي الذكر عليه من بيننا ) * ، أي : كيف يخصه الله من بيننا وينزل عليه الذكر ؟ فأي مزية خصه من بيننا ؟ وهذا اعتراض من المكذبين على الله ، لم يزالوا يدلون به ، ويصولون ويردون به دعوة الرسل ، وقد أجاب الله عن هذه الشبهة بقول الرسل لأممهم : * ( قالت رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده ) * . فالرسل من الله عليهم بصفات وأخلاق وكمالات ، بها صلحوا لرسالات ربهم ، والاختصاص بوحيه . ومن رحمته وحكمته أن كانوا من البشر ، فلو كانوا من الملائكة ، لم يمكن البشر ، فلو كانوا من الملائكة ، لم يمكن البشر أن يتلقوا عنهم ، ولو جعلهم من الملائكة لعاجل المكذبين لهم بالعقاب العاجل . والمقصود من هذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح ، تكذيبه ، ولهذا حكموا عليه بهذا الحكم الجائر ، فقالوا : * ( بل هو كذاب أشر ) * ، أي : كثير الكذب والشر . فقبحهم الله ما أسفه أحلامهم وأظلمهم ، وأشدهم مقابلة للصادقين الناصحين بالخطاب الشنيع ، لا جرم عاقبهم الله حين اشتد طغيانهم . فأرسل الله الناقة التي هي من أكبر النعم عليهم ، آية من آيات الله ، ونعمة يحلبون من درها ، ما يكفيهم أجمعين . * ( فتنة لهم ) * ، أي : اختبارا منه لهم وامتحانا . * ( فارتقبهم واصطبر ) * ، أي : اصبر على دعوتك إياهم ، وارتقب ما يحل بهم ، أو ارتقب هل يؤمنون أو يكفرون ؟ * ( ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ) * ، أي : وأخبرهم أن الماء ، أي : موردهم الذي يستعذبونه ، قسمة بينهم وبين الناقة ، لها شرب يوم ، ولهم شرب يوم آخر معلوم . * ( كل شرب محتضر ) * ، أي : يحضره من كان قسمته ، ويحظر على من ليس بقسمة له . * ( فنادوا صاحبهم ) * الذي باشر عقرها ، الذي هو أشقى القبيلة * ( فتعاطى ) * ، أي : انقاد لما أمروه به من عقرها * ( فعقر ) * . * ( فكيف كان عذابي ونذر ) * كان أشد عذاب ، أرسل الله عليهم صيحة ورجفة ، أهلكتهم عن آخرهم ، ونجى الله صالحا ومن آمن معه . * ( إنا أرسلنا عليهم ) * في اليوم الرابع من عقرها * ( صيحة واحدة ) * صاح بها جبريل عليه السلام * ( فكانوا ) * ، أي : فصاروا * ( كهشيم المحتظر ) * ، والهشيم : الشجر اليابس المتهشم المتكسر ، أو كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء ، أي : كهشيم الحظيرة أو الشجر المتخذ لها . والمعنى الإجمالي : ( إنا سلطنا عليهم صيحة واحدة ، فصاروا بها كشجر يابس يجمعه من يريد اتخاذ حظيرة لبهائمه ) * ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * . * ( كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) * أي : * ( كذبت قوم لوط ) * لوطا عليه السلام ، حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن الشرك والفاحشة التي ما سبقهم بها أحد من العالمين . فكذبوه واستمروا على شركهم وقبائحهم ، حتى إن الملائكة الذين جاءوه بصروة أضياف حين سمع بهم قومه ، جاءوا مسرعين ، يريدون إيقاع الفاحشة فيهم ، لعنهم الله وقبحهم ، وراودوه عنهم . فأمر الله جبريل عليه السلام ، فطمس عيونهم ، وأنذرهم نبيهم بطشة الله وعقوبته * ( فتماروا بالنذر ) * . * ( ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ) * قلب الله عليهم ديارهم ، وجعل أسفلها أعلاها ، وتتبعهم بحجارة من سجيل منضود ، مسومة عند ربك للمسرفين . ونجى الله لوطا وأهله من الكرب العظيم ، جزاء لهم على شكرهم لربهم ، وعبادته وحده لا شريك له ، قال تعالى : * ( على الكافرين غير يسير ) * ،