يصعقون ) * وهو يوم القيامة الذي يصيبهم فيه من العذاب ، ما لا يقادر قدره ، ولا يوصف أمره . * ( يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ) * ، أي : لا قليلا ولا كثيرا . وإن كان في الدنيا ، قد يوجد منهم كيد يعيشون به زمنا قليلا ، فيوم القيامة يضمحل كيدهم ، وتبطل مساعيهم ، ولا ينتصرون من عذاب الله * ( ولا هم ينصرون ) * . * ( وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ول كن أكثرهم لا يعلمون * واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم * ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) * لما ذكر الله عذاب الظالمين في الآخرة ، أخبر أن لهم عذابا قبل عذاب يوم القيامة ، وذلك شامل لعذاب الدنيا ، بالقتل والسبي والإخراج من الديار ، ولعذاب البرزخ والقبر . * ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) * ، أي : فلذلك أقاموا على ما يوجب العذاب ، وشدة العقاب . ولما بين تعالى الحجج والبراهين على بطلان أقوال المكذبين ، أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يعبأ بهم شيئا ، وأن يصبر لحكم ربه القدري ، والشرعي بلزومه ، والاستقامة عليه ، ووعده الله الكفاية بقوله : * ( فإنك بأعيننا ) * ، أي : بمرأى منا ، وحفظ ، واعتناء بأمرك . وأمره أن يستعين على الصبر بالذكر والعبادة ، فقال : * ( وسبح بحمد ربك حين تقوم ) * من الليل . ففيه الأمر بقيام الليل ، أو حين تقوم إلى الصلوات الخمس ، بدليل قوله : * ( ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) * ، أي : آخر الليل ، ويدخل فيه صلاة الفجر ، والله أعلم . تم تفسير سورة الطور والحمد لله سورة النجم * ( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) * يقسم تعالى بالنجم عند هويه ، أي : سقوطه في الأفق في آخر الليل عند إدبار الليل ، وإقبال النهار ، لأن في ذلك من الآيات العظيمة ، ما أوجب أن أقسم به ، والصحيح أن النجم ، اسم جنس شامل للنجوم كلها . وأقسم بالنجوم على صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الوحي الإلهي ، لأن في ذلك مناسبة عجيبة ، فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء ، فكذلك الوحي وآثاره ، زينة للأرض ، فلولا العلم الموروث من الأنبياء ، لكان الناس في ظلمة أشد من ظلمة الليل البهيم . والمقسم عليه ، تنزيه الرسول عن الضلال في علمه ، والغي في قصده . ويلزم من ذلك أن يكون مهتديا في علمه ، هاديا ، حسن القصد ، ناصحا للخلق . وبعكس ما عليه أهل الضلال من فساد العلم ، وسوء القصد . وقال : * ( صاحبكم ) * لينبههم على ما يعرفونه منه ، من الصدق والهداية ، وأنه لا يخفى عليهم أمره . * ( وما ينطق عن الهوى ) * ، أي : ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه . * ( إن هو إلا وحي يوحى ) * ، أي : لا يتبع إلا ما أوحي إليه ، من الهدى والتقوى ، في نفسه ، وفي غيره . ودل هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : * ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ) * ، وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه ، لأن كلامه لا يصدر عن هوى ، وإنما يصدر عن وحي يوحى . ثم ذكر المعلم للرسول ، وهو جبريل عليه السلام ، أفضل الملائكة الكرام وأقواهم وأكملهم ، فقال : * ( علمه شديد القوى ) * ، أي : نزل بالوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام ، شديد القوى الظاهرة والباطنة . قوي على تنفيذ ما أمره الله بتنفيذه ، قوي على إيصال الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومنعه من اختلاس الشياطين له ، أو إدخالهم فيه ما ليس منه . وهذا من حفظ الله لوحيه ، أن أرسله مع هذا الرسول القوي الأمين . * ( ذو مرة ) * ، أي : قوة ، وخلق حسن ، وجمال ظاهر وباطن . * ( فاستوى ) * جبريل عليه السلام