responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 814


ماء ، قد سجره الله ، ومنعه من أن يفيض على وجه الأرض ، مع أن مقتضى الطبيعة ، أن يغمر وجه الأرض ، ولكن حكمته اقتضت أن يمنعه عن الجريان والفيضان ، ليعيش من على وجه الأرض ، من أنواع الحيوان . وقيل : إن المراد بالمسجور : الموقد الذي يقود نارا يوم القيامة ، نارا تلظى ، ممتلئا على سعته من أصناف العذاب . هذه الأشياء التي أقسم الله بها ، مما يدل على أنها من آيات الله وأدلة توحيده ، وبراهين قدرته ، وبعثه الأموات ، ولهذا قال : * ( إن عذاب ربك لواقع ) * ، أي : لا بد أن يقع ، ولا يخلف الله وعده وقيله . * ( ما له من دافع ) * يدفعه ، ولا مانع يمنعه ، لأن قدرة الله ، لا يغالبها مغالب ، ولا يفوتها هارب . ثم ذكر وصف ذلك اليوم ، الذي يقع فيه العذاب ، فقال : * ( يوم تمور السماء مورا ) * ، أي : تدور السماء وتضطرب ، وتدوم حركتها بانزعاج ، وعدم سكون . * ( وتسير الجبال سيرا ) * ، أي : تزول عن أماكنها ، وتسير كسير السحاب ، وتتلون كالعهن المنفوش ، وتبث بعد ذلك حتى تصير مثل الهباء ، وذلك كله لعظم هول يوم القيامة ، فكيف بالآدمي الضعيف ؟ * ( فويل يومئذ للمكذبين ) * ، والويل : كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف . ثم ذكر وصف المكذبين الذين استحقوا به الويل ، فقال : * ( الذين هم في خوض يلعبون ) * ، أي : خوض بالباطل ولعب به . فعلوم وبحوثهم بالعلوم الضارة المتضمنة للتكذيب بالحق ، والتصديق بالباطل . وأعمالهم أعمال أهل الجهل والسفه واللعب ، بخلاف ما عليه أهل التصديق والإيمان من العلوم النافعة ، والأعمال الصالحة . * ( يوم يدعون إلى نار جهنم دعا ) * ، أي : يدفعون إليها دفعا ، ويساقون إليها سوقا عنيفا ، يجرون على وجوههم ، ويقال لهم توبيخا ولوما : * ( هذه النار التي كنتم بها تكذبون ) * ، فاليوم ذوقوا عذاب الخلد الذي لا يبلغ قدره ، ولا يوصف أمره . * ( أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ) * يحتمل أن الإشارة إلى النار والعذاب ، كما يدل عليه سياق الآيات ، أي : لما رأوا النار والعذاب قيل لهم من باب التقريع : ( أهذا سحر لا حقيقة له ، فقد رأيتموه ، أم أنتم في الدنيا لا تبصرون ) ، أي : لا بصيرة لكم ولا علم عندكم ، بل كنتم جاهلين بهذا الأمر لم تقم عليكم الحجة ؟ والجواب انتفاء الأمرين . أما كونه سحرا ، فقد ظهر لهم أنه أحق الحق ، وأصدق الصدق ، المنافي للسحر من جميع الوجوه . وأما كونهم لا يبصرون ، فإن الأمر بخلاف ذلك ، بل حجة الله قد قامت عليهم ، ودعتهم الرسل إلى الإيمان بذلك ، وأقامت من الأدلة والبراهين على ذلك ، ما يجعله من أعظم الأمور المبرهنة الواضحة الجلية . ويحتمل أن الإشارة بقوله : * ( أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون ) * إلى ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الحق المبين ، والصراط المستقيم ، أي : أفيتصور من له عقل ، أن يقول عنه : إنه سحر ، وهو أعظم الحق وأجله ؟ ولكن لعدم بصيرتهم ، قالوا فيه ما قالوا . * ( اصلوها ) * ، أي : ادخلوا على وجه تحيط بكم ، وتشمل أبدانكم ، وتطلع على أفئدتكم . * ( فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ) * ، أي : لا يفيدكم الصبر على النار شيئا ، ولا يتأسى بعضكم ببعض ، ولا يخفف عنكم العذاب ، وليست من الأمور ، التي إذا صبر العبد عليها ، هانت مشقتها وزالت شدتها . وإنما فعل بهم ذلك ، بسبب أعمالهم الخبيثة ، وكسبهم ، ولهذا قال : * ( إنما تجزون ما كنتم تعملون ) * . * ( إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين ) * لما ذكر تعالى عقوبة المكذبين ، ذكر نعيم المتقين ليجمع بين الترغيب والترهيب ، فتكون القلوب بين الخوف والرجاء ، فقال : * ( إن المتقين ) * لربهم ، الذين اتقوا سخطه وعذابه ، بفعل أسبابه من امتثال الأوامر ، واجتناب النواهي . * ( في جنات ) * ، أي : بساتين ، قد اكتست رياضها من الأشجار الملتفة ، والأنهار المتدفقة ، والصور المحدقة ، والمنازل المزخرفة . * ( ونعيم ) * ، وهذا شامل لنعيم القلب والروح والبدن . * ( فاكهين بما آتاهم ربهم ) * ، أي : معجبين به ، متمتعين على وجه الفرح والسرور ، بما أعطاهم الله من النعيم الذي لا يمكن وصفه ، ولا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين . * ( ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ) * فرزقهم المحبوب ،

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 814
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست