عنهم ) * ، أي : عن الخلائق . * ( سراعا ) * ، أي : يسرعون لإجابة الداعي لهم إلى موقف القيامة . * ( ذلك حشر علينا يسير ) * ، أي : سهل على الله ، لا تعب فيه ولا كلفة . * ( نحن أعلم بما يقولون ) * لك ، مما يحزنك من الأذى . وإذا كنا أعلم بذلك ، فقد علمت كيف اعتناؤنا بك ، وتيسيرنا لأمورك ، ونصرنا لك على أعدائك ، فليفرح قلبك ، ولتطمئن نفسك ، ولتعلم أننا أرحم بك وأرأف من نفسك . فلم يبق لك إلا انتظار وعد الله والتأسي بأولي العزم ، من رسل الله . * ( وما أنت عليهم بجبار ) * ، أي : مسلط عليهم * ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) * ، ولهذا قال : * ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) * والتذكير ، هو تذكير بما تقرر في العقول والفطر ، من محبة الخير وإيثاره وفعله ، ومن بغض الشر ومجانبته ، وإنما يتذكر بالتذكير ، من يخاف وعيد الله . وأما من لم يخف الوعيد ولم يؤمن به ، فهذا فائدة تذكيره إقامة الحجة عليه ، لئلا يقول : * ( ما جاءنا من بشير ولا نذير ) * . آخر تفسير سورة ( ق ) والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا . سورة الذاريات * ( والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا * فالجاريات يسرا * فالمقسمات أمرا * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع ) * هذا قسم من الله الصادق في قيله ، بهذه المخلوقات العظيمة التي جعل الله فيها من المصالح والمنافع ، ما جعل على أن وعده صدق ، وأن الدين الذي هو يوم الجزاء والمحاسبة على الأعمال ، لواقع لا محالة ، ما له من دافع . فإذا أخبر به الصادق العظيم وأقسم عليه ، وأقام الأدلة والبراهين عليه ، فلم يكذب به المكذبون ، ويعرض عن العمل له العاملون . * ( والذاريات ) * هي الرياح التي تذرو في هبوبها * ( ذروا ) * بلينها ، ولطفها ، وقوتها ، وإزعاجها . * ( فالحاملات وقرا ) * ، هي : السحاب ، تحمل الماء الكثير ، الذي ينفع الله به العباد والبلاد . * ( فالجاريات يسرا ) * : النجوم التي تجري على وجه اليسر والسهولة ، فتتزين بها السماوات ، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، وينتفع بالاعتبار بها . * ( فالمقسمات أمرا ) * الملائكة التي تقسم الأمر وتدبره بإذنه الله ، فكل منهم قد جعله الله على تدبير أمر من أمور الدنيا والآخرة ، لا يتعدى ما حد له وقدر ، ورسم ، ولا ينقص منه . * ( والسماء ذات الحبك * إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من أفك * قتل الخراصون * الذين هم في غمرة ساهون * يسألون أيان يوم الدين * يوم هم على النار يفتنون * ذوقوا فتنتكم ه ذا الذي كنتم به تستعجلون ) * * ( والسماء ذات الحبك ) * ، أي : ذات الطرائق الحسنة ، التي تشبه حبك الرمال ، ومياه الغدران ، حين يحركها النسيم . * ( إنكم ) * أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ، * ( لفي قول مختلف ) * منكم من يقول : ساحر ، ومنكم من يقول : كاهن ، ومنكم من يقول : مجنون ، إلى غير ذلك من الأقوال المختلفة ، الدالة على حيرتهم وشكهم ، وأن ما هم عليه باطل . * ( يؤفك عنه من أفك ) * ، أي : يصرف عنه من صرف عن الإيمان ، وانصرف عن أدلة الله اليقينية وبراهينه ، واختلاف قولهم ، دليل على فساده وبطلانه ، كما أن الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم متفق ، يصدق بعضه بعضا ، لا تناقض فيه ، ولا اختلاف ، وذلك دليل على صحته ، وأنه من عند الله * ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) * . يقول تعالى : * ( قتل الخراصون ) * ، أي : قاتل الله الذين كذبوا على الله ، وجحدوا آياته ، وخاضوا بالباطل ، ليدحضوا به الحق ، الذين يقولون على الله ما لا يعلمون . * ( الذين هم في غمرة ) * ، أي : في لجة من الكفر ، والجهل ، والضلال * ( ساهون ) * . * ( يسألون ) * عن وجه الشك والتكذيب في * ( أيان يوم الدين ) * ، أي : متى يبعثون ، مستبعدين لذلك . فلا تسأل عن حالهم وسوء مآلهم * ( يوم هم على النار يفتنون ) * ، أي : يعذبون بسبب ما انطووا عليه من خبث الباطن والظاهر ، ويقال لهم : * ( ذوقوا فتنتكم ) * ، أي : العذاب والنار ، الذي هو أثر ما افتتنوا به ، من الابتلاء الذي صيرهم إلى الكفر والضلال . * ( هذا ) * العذاب ، الذي وصلتم إليه ، هو * ( الذي كنتم به تستعجلون ) * . فالآن تمتعوا بأنواع العقاب والنكال ، والسلاسل والأغلال ، والسخط والوبال . * ( إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون * وفي أموالهم حق للسآئل والمحروم ) * يقول تعالى في ذكر ثواب المتقين وأعمالهم ، التي وصلوا بها إلى