responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 803


يكون ذلك تعليما ، وقد علم أنه عالم بكل شيء ، وإما أن يكون قصدهم بهذا الكلام المنة على رسوله ، وأنهم قد بذلوا وتبرعوا بما ليس من مصالحهم ، بل هو من حظوظه الدنيوية ، وهذا تجمل بما لا يجمل ، وفخر بما لا ينبغي لهم الفخر به على رسوله ، فإن المنة لله تعالى عليهم . فكما أنه تعالى هو المان عليهم بالخلق والرزق ، والنعم الظاهرة والباطنة ، فمنته عليهم بهدايتهم إلى الإسلام ، ومنته عليهم بالإيمان ، أفضل من كل شيء ، ولهذا قال : * ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ) * . * ( إن الله يعلم غيب السماوات والأرض ) * ، أي : الأمور الخفية فيها ، التي تخفى على الخلق ، كالذي في لجج البحار ، ومهامه القفار ، وما جنه الليل أو واراه النهار ، يعلم قطرات الأمطار ، وحبات الرمال ، ومكنونات الصدور ، وخبايا الأمور . * ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) * . * ( والله بصير بما تعملون ) * ، يحصي عليكم أعمالكم ، ويوفيكم إياها ، ويجازيكم عليها بما تقتضيه رحمته الواسعة ، وحكمته البالغة . تم تفسير سورة الحجرات بعون الله ومنه وجوده وكرمه ، والحمد لله . سورة ق * ( ق والقرآن المجيد * بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون ه ذا شيء عجيب * أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد * قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ) * يقسم تعالى بالقرآن المجيد ، أي : وسيع المعاني عظيمها ، كثير الوجوه كثير البركات ، جزيل المبرات ، والمجد : سعة الأوصاف وعظمتها . وأحق كلام يوصف بذلك ، هذا القرآن ، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين ، الذي حوى من الفصاحة أكملها ، ومن الألفاظ أجزلها ، ومن المعاني أعمها وأحسنها ، وهذا موجب لكمال اتباعه وسرعة الانقياد له ، وشكر الله على المنة به . ولكن أكثر الناس ، لا يقدر نعم الله قدرها ، ولهذا قال تعالى : * ( بل عجبوا ) * ، أي : المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ، * ( أن جاءهم منذر ) * منهم ، أي : ينذرهم ما يضرهم ، ويأمرهم بما ينفعهم ، وهو من جنسهم ، يمكنهم التلقي عنه ، ومعرفة أحواله وصدقه . فتعجبوا من أمر لا ينبغي لهم التعجب منه ، بل يتعجب من عقل ، من تعجب منه . * ( فقال الكافرون ) * ، أي : الذي حملهم كفرهم وتكذيبهم ، لا نقص بذكائهم وآبائهم . * ( هذا شيء عجيب ) * ، أي : مستغرب ، وهم في هذا الاستغراب ، بين أمرين : إما صادقون في استغرابهم وتعجبهم ، فهذا يدل على غاية جهلهم ، وضعف عقولهم . بمنزلة المجنون الذي يستغرب كلام العاقل ، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان ، وبمنزلة البخيل الذي يستغرب سخاء أهل السخاء ، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه إلا دليل على زيادة جهله وظلمه ؟ وإما أن يكونوا متعجبين ، على وجه يعلمون خطأهم فيه ، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه . ثم ذكر وجه تعجبهم ، فقال : * ( أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) * ، فقاسوا قدرة من هو على كل شيء قدير ، الكامل من كل وجه ، بقدرة العبد الفقير العاجز . من جميع الوجوه ، وقاسوا الجاهل الذي لا علم له ، بمن هو بكل شيء عليم . * ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) * ، أي : من أجسادهم مدة مقامهم في البرزخ ، وقد أحصي في كتابه . * ( وعندنا كتاب حفيظ ) * ، أي : محفوظ عن التغيير والتبديل ، بكل ما يجري عليهم في حياتهم ، أو مماتهم ، وهذا الاستدلال بكمال سعة علمه التي لا يحيط بها إلا هو على قدرته على إحياء الموتى . * ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ) * أي : * ( بل ) * كلامهم الذي صدر منهم ، إنما هو عناد وتكذيب ، فقد * ( كذبوا بالحق ) * الذي هو أعلى أنواع الصدق * ( لما جاءهم فهم في أمر مريج ) * ، أي : مختلط مشتبه ، لا يثبتون على شيء ، ولا يستقر لهم قرار ، فتارة يقولون عنك : إنك ساحر ، وتارة مجنون ، وتارة شاعر . وكذلك جعلوا القرآن عضين ، كل قال فيه ، ما اقتضاه رأيه الفاسد ، وهكذا كل من كذب بالحق ، فإنه في أمر مختلط ، لا يدرى له وجه ولا قرار ، فترى أموره متناقضة مؤتفكة . كما أن من اتبع الحق

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 803
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست