responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 802


* ( ولا يغتب بعضكم بعضا ) * والغيبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه ) . ثم ذكر مثلا منفرا عن الغيبة ، فقال : * ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) * ، شبه أكل لحمه ميتا ، المكروه للنفوس غاية الكراهة ، باغتيابه ، فكما أنكم تكرهون أكل لحمه ، خصوصا إذا كان ميتا ، فاقد الروح ، فكذلك ، فلتكرهوا غيبته وأكل لحمه حيا . * ( واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) * ، والتواب : الذي يأذن بتوبة عبده ، فيوفقه لها ، ثم يتوب عليه ، بقبول توبته ، رحيم بعباده ، حيث دعاهم إلى ما ينفعهم ، وقبل منهم التوبة ، وفي هذه الآية دليل على التحذير الشديد من الغيبة ، وأنها من الكبائر ، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت ، وذلك من الكبائر . * ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) * يخبر تعالى أنه خلق بني آدم من أصل واحد ، وجنس واحد ، وكلهم من ذكر وأنثى ، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء ، ولكن الله تعالى بث منهما رجالا كثيرا ونساء ، وفرقهم ، وجعلهم شعوبا وقبائل ، أي : قبائل صغارا وكبارا ، وذلك لأجل أن يتعارفوا ، فإنه لو استقل كل واحد منهم بنفسه ، لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون والتوارث ، والقيام بحقوق الأقارب ، ولكن الله جعلهم شعوبا وقبائل ، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها مما يتوقف على التعارف ، ولحوق الأنساب ، ولكن الكرم بالتقوى . فأكرمهم عند الله أتقاهم ، وهو أكثرهم طاعة ، وانكفافا عن المعاصي ، لا أكثرهم قرابة وقوما ، ولا أشرفهم نسبا . ولكن الله تعالى عليم خبير ، يعلم منهم من يقوم بتقوى الله ، ظاهرا وباطنا ، فيجازي كلا بما يستحق . وفي هذه الآية دليل على أن معرفة الأنساب مطلوبة مشروعة ، لأن الله جعلهم شعوبا وقبائل لأجل ذلك . * ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ول كن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم * إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أول ئك هم الصادقون * قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم * يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين * إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون ) * يخبر تعالى عن مقالة بعض الأعراب الذين دخلوا في الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دخولا من غير بصيرة ، ولا قيام بما يجب ويقتضيه الإيمان ، أنهم مع هذا ادعوا وقالوا : آمنا ، أي : إيمانا كاملا ، مستوفيا لجميع أموره ، فأمر الله رسوله ، أن يرد عليهم ، فقال : * ( قل لم تؤمنوا ) * ، أي : لا تدعوا لأنفسكم مقام الإيمان ، ظاهرا وباطنا ، كاملا . * ( ولكن قولوا أسلمنا ) * ، أي : دخلنا في الإسلام ، واقتصروا على ذلك . * ( و ) * السبب في ذلك ، أنه * ( لما يدخل الإيمان في قلوبكم ) * وإنما أسلمتم خوفا أو رجاء أو نحو ذلك ، مما هو السبب في إيمانكم ، فلذلك لم تدخل بشاشة الإيمان في قلوبكم . وفي قوله : * ( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) * ، أي : وقت هذا الكلام الذي صدر منكم ، فكان فيه إشارة إلى أحوالهم بعد ذلك ، فإن كثيرا منهم من الله عليهم بالإيمان الحقيقي ، والجهاد في سبيل الله . * ( وإن تطيعوا الله ورسوله ) * بفعل خير ، أو ترك شر * ( لا يلتكم من أعمالكم شيئا ) * ، أي : لا ينقصكم منها مثقال ذرة ، بل يوفيكم إياها ، أكمل ما تكون لا تفقدون منها صغيرا ولا كبيرا . * ( إن الله غفور رحيم ) * ، أي : غفور لمن تاب إليه وأناب ، رحيم به ، حيث قبل توبته . * ( إنما المؤمنون ) * ، أي : على الحقيقة * ( الذين آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا في سبيل الله ) * ، أي : من جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيله . فإن من جاهد الكفار ، دل ذلك على الإيمان التام في قلبه ؛ لأن من جاهد غيره على الإسلام ، والإيمان ، والقيام بشرائعه ، فجهاده لنفسه على ذلك ، من باب أولى وأحرى ؛ ولأن من لم يقو على الجهاد ، فإن ذلك دليل على ضعف إيمانه . وشرط تعالى في الإيمان عدم الريب ، أي : الشك ، لأن الإيمان النافع هو الجزم اليقيني بما أمر الله بالإيمان به ، الذي لا يعتريه شك بوجه من الوجوه . وقوله : * ( أولئك هم الصادقون ) * ، أي : الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الجميلة ، فإن الصدق دعوى عظيمة في كل شيء يحتاج صاحبه إلى حجة وبرهان . وأعظم ذلك دعوى الإيمان الذي هو مدار السعادة ، والفوز الأبدي ، والفلاح السرمدي ، فمن ادعاه وقام بواجباته ولوازمه ، فهو الصادق المؤمن حقا ، ومن لم يكن كذلك علم أنه ليس بصادق في دعواه ، وليس لدعواه فائدة ، فإن الإيمان في القلب لا يطلع عليه إلا الله تعالى . فإثباته ونفيه من باب تعليم الله بما في القلب ، وهو سوء أدب ، وظن بالله ، ولهذا قال : * ( قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ، والله بكل شيء عليم ) * وهذا شامل للأشياء كله ، التي من جملتها ما في القلوب من الإيمان والكفران ، والبر والفجور ، فإنه تعالى يعلم ذلك كله ، ويجازي عليه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . هذه حالة من أحوال من ادعى لنفسه الإيمان ، وليس به ، فإنه إما أن

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 802
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست