responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 788


يحب لنفسه ، ويكره لهم من الشر ما يكره لنفسه ، ويأمرهم بما فيه الخير لهم ، وينهاهم عما فيه ضررهم ، ويعفو عن مساويهم ومعايبهم ، ويحرص على اجتماعهم اجتماعا تتألف به قلوبهم ، ويزول ما بينهم من الأحقاد المفضية للمعاداة والشقاق ، الذي به تكثر ذنوبهم ومعاصيهم . * ( والله يعلم متقلبكم ) * أي : تصرفاتكم وحركاتكم ، وذهابكم ومجيئكم ، * ( ومثواكم ) * الذي به تستقرون ، فهو يعلمكم في الحركات والسكنات ، فيجازيكم على ذلك أتم الجزاء وأوفاه . * ( ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم * طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم * فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أول ئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) * يقول تعالى : * ( ويقول الذين آمنوا ) * استعجالا ومبادرة للأوامر الشاقة : * ( لولا نزلت سورة ) * ، أي : فيها الأمر بالقتال . * ( فإذا أنزلت سورة محكمة ) * ، أي : ملزم العمل بها ، * ( وذكر فيها القتال ) * ، الذي هو أشق شيء على النفوس ، لم يثبت ضعفاء الإيمان على امتثال هذه الأوامر ، ولهذا قال : * ( رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ) * من كراهتهم لذلك ، وشدته عليهم . وهذا كقوله تعالى : * ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية ) * . ثم ندبهم تعالى إلى ما هو الأليق بحالهم ، فقال : * ( فأولى لهم طاعة وقول معروف ) * ، أي : فأولى لهم أن يمتثلوا الأمر الحاضر المحتم عليهم ، ويجمعوا عليه هممهم ، ولا يطلبوا أن يشرع لهم ما هو شاق عليهم ، وليفرحوا بعافية الله تعالى وعفوه . * ( فإذا عزم الأمر ) * ، أي : جاءهم أمر جد ، وأمر حتم * ( فلو صدقوا الله ) * في هذه الحال بالاستعانة به ، وبذل الجهد في امتثاله * ( لكان خيرا لهم ) * من حالهم الأولى ، وذلك من وجوه : منها : إن العبد ناقص من كل وجه ، لا قدرة له إلا إن أعانه الله ، فلا يطلب زيادة على ما هو قائم بصدده . ومنها : أنه إذا تعلقت نفسه بالمستقبل ، ضعف عن العمل ، بوظيفة وقته الحاضر ، وبوظيفة المستقبل . أما الحال ، فلأن الهمة انتقلت عنه إلى غيره ، والعمل تبع للهمة ، وأما المستقبل ، فإنه لا يجيء حتى تفتر الهمة عن نشاطها فلا يعان عليه . ومنها : أن العبد المؤمل للآمال المستقبلة ، مع كسله عن عمل الوقت الحاضر ، شبيه بالمتألي الذي يجزم بقدرته ، على ما يستقبل من أموره . فأحرى به أن يخذل ولا يقوم بما هم به ، وتوعد نفسه عليه ، فالذي ينبغي أن يجمع العبد همه وفكره ونشاطه على وقته الحاضر ، ويؤدي وظيفته بحسب قدرته . ثم كلما جاء وقت استقبله بنشاط ، وهمة عالية مجتمعة غير متفرقة ، مستعينا بربه في ذلك ، فهذا أحرى بالتوفيق والتسديد في جميع أموره . ثم ذكر تعالى المتولي عن طاعة ربه ، وأنه لا يتولى إلى خير ، بل إلى شر ، فقال : * ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) * ، أي : فهما أمران ، إما التزام لطاعة الله ، وامتثال لأوامره ، فثم الخير والرشد والفلاح ، وإما الإعراض عن ذلك ، والتولي عن طاعة الله فما ثم إلا الفساد في الأرض ، بالعمل بالمعاصي ، وقطيعة الأرحام . * ( أولئك الذين ) * أفسدوا في الأرض ، وقطعوا أرحامهم * ( لعنهم الله ) * بأن أبعدهم عن رحمته ، وقربوا من سخط الله . * ( فأصمهم وأعمى أبصارهم ) * ، أي : جعلهم لا يسمعون ما ينفعهم ، ولا يبصرونه . فلهم آذان ولكن لا تسمع سماع إذعان وقبول ، وإنما تسمع سماعا تقوم بها حجة الله عليها ، ولهم أعين ، ولكن لا يبصرون بها العبر والآيات ، ولا يلتفتون بها إلى البراهين والبينات . * ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) * أي : فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله ، ويتأملونه حق التأمل ، فإنهم لو تدبروه ، لدلهم على كل خير ، ولحذرهم من كل شر ، ولملأ قلوبهم من الإيمان ، وأفئدتهم من الإيقان . ولأوصلهم إلى المطالب العالية ، والمواهب الغالية ، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله ، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها ، والطريق الموصلة إلى العذاب ، وبأي شيء يحذر . ولعرفهم بربهم ، وأسمائه وصفاته ، وإحسانه ، ولشوقهم إلى الثواب الجزيل ، ورهبهم من العقاب الوبيل . * ( أم على قلوب أقفالها ) * ، أي : قد أغلق على ما فيها من الإعراض والغفلة والاعتراض ، وأقفلت ،

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 788
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست