responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 787


أسماعهم ، ووعته قلوبهم ، وانقادت له جوارحهم ، ولكنهم بعكس هذه الحال ، ولهذا قال : * ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ) * ، أي : ختم عليها ، وسد أبواب الخير التي تصل إليها بسبب اتباعهم أهواءهم ، التي لا يهوون فيها إلا الباطل . ثم بين حال المهتدين ، فقال : * ( والذين اهتدوا ) * بالإيمان والانقياد ، واتباع ما يرضي الله * ( زادهم هدى ) * شكرا منه تعالى على ذلك ، * ( وآتاهم تقواهم ) * ، أي : وفقهم للخير ، وحفظهم من الشر ، فذكر للمهتدين جزاءين : العلم النافع ، والعمل الصالح . * ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) * أي : فهل ينظر هؤلاء المكذبون أو ينتظرون * ( إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ) * ، أي : فجأة ، وهم لا يشعرون * ( فقد جاء أشراطها ) * ، أي : علاماتها الدالة على قربها . * ( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) * ، أي : من أين لهم ، إذا جاءتهم الساعة وانقطعت آجالهم أن يتذكروا ويستعتبوا ؟ فقد فات ذلك ، وذهب وقت التذكر ، فقد عمروا ما يتذكر فيه من تذكر ، وجاءهم النذير . ففي هذا الحث على الاستعداد قبل مفاجأة الموت ، فإن موت الإنسان قيام ساعته . * ( فاعلم أنه لا إل ه إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم ) * العلم لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته ، بمعنى ما طلب منه علمه ، وتمامه أن يعمل بمقتضاه . وهذا العلم الذي أمر الله به وهو العلم بتوحيد الله فرض عين على كل إنسان ، لا يسقط عن أحد ، كائنا من كان ، بل كل مضطر إلى ذلك . والطريق إلى العلم بأنه لا إله إلا الله ، أمور : أحدها بل أعظمها : تدبر أسمائه وصفاته ، وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلاله . فإنها توجب بذل الجهد في التأله له ، والتعبد للرب الكامل الذي له كل حمد ومجد وجلال وجمال . الثاني : العلم بأنه تعالى هو المنفرد بالخلق والتدبير ، فيعلم بذلك أنه المنفرد بالألوهية . الثالث : العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية ، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به ومحبته ، والتأله له وحده لا شريك له . الرابع : ما نراه ونسمعه من الثواب لأوليائه القائمين بتوحيده من النصر والنعم العاجلة ، ومن عقوبته لأعدائه المشركين به ، فإن هذا داع إلى العلم ، بأنه تعالى وحده المستحق للعبادة كلها . الخامس : معرفة أوصاف الأوثان والأنداد التي عبدت مع الله ، واتخذت آلهة ، وأنها ناقصة من جميع الوجوه ، فقيرة بالذات ، لا تملك لنفسها ولا لعابديها نفعا ولا ضرا ، ولا موتا ولا حياة ، ولا نشورا ، ولا ينصرون من عبدهم ، ولا ينفعونهم بمثقال ذرة ، من جلب خير أو دفع شر ، فإن العلم بذلك يوجب العلم بأنه لا إله إلا الله وبطلان إلهية ما سواه . السادس : اتفاق كتب الله على ذلك ، وتواطؤها عليه . السابع : أن خواص الخلق ، الذي هم أكمل الخليقة أخلاقا وعقولا ، ورأيا وصوابا ، وعلما وهم الرسل والأنبياء والعلماء الربانيون قد شهدوا لله بذلك . الثامن : ما أقامه الله من الأدلة الأفقية والنفسية ، التي تدل على التوحيد أعظم دلالة ، تنادي عليه بلسان حالها بما أودعها من لطف صنعته ، وبديع حكمته وغرائب خلقه . فهذه الطرق التي أكثر الله من دعوة الخلق بها إلى أنه لا إله إلا الله ، وأبداها في كتابه وأعادها ؛ عند تأمل العبد في بعضها ، لا بد أن يكون عنده يقين وعلم بذلك ، فكيف إذا اجتمعت وتواطأت واتفقت ، وقامت أدلة للتوحيد من كل جانب ، فهناك يرسخ الإيمان والعلم بذلك ، في قلب العبد ، بحيث يكون كالجبال الرواسي ، لا تزلزله الشبه والخيالات ، ولا يزداد على تكرر الباطل والشبه إلا نموا وكمالا . هذا وإن نظرت إلى الدليل العظيم ، والأمر الكبير وهو تدبر هذا القرآن العظيم ، والتأمل في آياته فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد ويحصل به من تفاصيله وجمله ، ما لا يحصل في غيره . وقوله : * ( واستغفر لذنبك ) * ، أي : اطلب من الله المغفرة لذنبك ، بأن تفعل أسباب المغفرة من التوبة والدعاء بالمغفرة ، والحسنات الماحية ، وترك الذنوب والعفو عن الجرائم . * ( و ) * استغفر أيضا * ( للمؤمنين والمؤمنات ) * فإنهم بسبب إيمانهم كان لهم حق على كل مسلم ومسلمة . ومن جملة حقوهم أن يدعى لهم ويستغفر لذنوبهم . وإذا كان مأمورا بالاستغفار لهم المتضمن الإزالة الذنوب وعقوباتها عنهم ، فإن من لوازم ذلك النصح لهم ، وأن يحب لهم من الخير ما

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 787
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست