responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 784


من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ) * يخبر تعالى عن حال الكفار الفظيعة عند عرضهم على النار التي كانوا يكذبون بها ، وأنهم يوبخون ، ويقال لهم : * ( أليس هذا بالحق ) * ، فقد حضرتموه وشاهدتموه عيانا ؟ * ( قالوا بلى وربنا ) * ، فاعترفوا بذنبهم ، وتبين كذبهم . * ( قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) * ، أي : عذابا لازما دائما ، كما كان كفركم صفة لازمة . ثم أمر تعالى رسوله ، أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له ، وأن لا يزال داعيا لهم إلى الله ، وأن يقتدى بصبر أولي العزم من المرسلين ، سادات الخلق ، أولي العزائم والهمم العالية ، الذي عظم صبرهم ، وتم يقينهم ، فهم أحق الخلق بالأسوة بهم ، والقفو لآثارهم ، والاهتداء بمنارهم . فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه ، فصبر صبرا لم يصبره نبي قبله ، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة . قاموا جميعا بصده عن الدعوة إلى الله ، وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة . وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعا بأمر الله ، ومقيما على جهاد أعداء الله ، صابرا على ما يناله من الأذى ، حتى مكن الله له في الأرض ، وأظهر دينه على سائر الأديان ، وأمته على سائر الأمم ، فصلى الله عليه وسلم تسليما . وقوله : * ( ولا تستعجل لهم ) * ، أي : المكذبين المستعجلين للعذاب ، فإن هذا من جهلهم وحمقهم ، فلا يستخفنك جهلهم ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك ، فإن كل ما هو آت قريب . * ( كأنهم حين يرون ما يوعدون لم يلبثوا ) * ( في الدنيا ) * ( إلا ساعة من نهار ) * ، فلا يحزنك تمتعهم القليل وهم صائرون إلى العذاب الوبيل . * ( بلاغ ) * ، أي : هذه الدنيا ، متاعها وشهوتها ولذاتها بلغة منغصة ، ودفع وقت حاضر قليل . وهذا القرآن العظيم ، الذي بينا لكم فيه البيان التام ، بلاغ لكم ، وزاد إلى الدار الآخرة . ونعم الزاد والبلغة ، زاد يوصل إلى دار النعيم ، ويعصم من العذاب الأليم ، فهو أفضل زاد يتزوده الخلائق ، وأجل نعمة أنعم الله بها عليهم . * ( فهل يهلك ) * بالعقوبات * ( إلا القوم الفاسقون ) * ، أي : الذين لا خير فيهم ، وقد خرجوا عن طاعة ربهم ، ولم يقبلوا الحق الذي جاءتهم به الرسل . وأعذر الله لهم ، وأنذرهم ، فاستمروا على تكذيبهم وكفرهم ، نسأل الله العصمة . تم تفسير سورة الأحقاف يجول الله وتوفيقه سورة محمد * ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم * والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم * ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) * هذه الآيات مشتملات على ذكر ثواب المؤمنين وعقاب العاصين ، والسبب في ذلك دعوة الخلق إلى الاعتبار بذلك ، فقال : * ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ) * وهؤلاء رؤساء الكفر ، وأئمة الضلال الذين جمعوا بين الكفر بالله وآياته ، والصد لأنفسهم وغيرهم عن سبيل الله ، التي هي الإيمان بما دعت إليه الرسل واتباعه . فهؤلاء * ( أضل الله أعمالهم ) * ، أي : أبطلها وأشقاهم بسببها ، وهذا يشمل أعمالهم التي عملوها ليكيدوا بها الحق ، وأولياء الله . إن الله جعل كيدهم في نحورهم ، فلم يدركوا مما قصدوا شيئا ، وأعمالهم التي يرجون أن يثابوا عليها ، إن الله سيحبطها عليهم ، والسبب في ذلك أنهم اتبعوا الباطل ، وهو : كل غاية لا يراد بها وجه الله من عبادة الأصنام والأوثان . والأعمال التي في نصر الباطل لما كانت باطلة ، كانت الأعمال لأجلها باطلة . * ( والذين آمنوا ) * بما أنزل الله على رسله عموما ، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا ، * ( وعملوا الصالحات ) * بأن قاموا بما عليهم من حقوق الله ، وحقوق العباد الواجبة والمستحبة . * ( كفر الله عنهم سيئاتهم ) * صغارها وكبارها ، وإذا كفرت سيئاتهم ، نجوا من عذاب الدنيا والآخرة . * ( وأصلح بالهم ) * ، أي : أصلح دينهم ودنياهم ، وقلوبهم وأعمالهم ، وأصلح ثوابهم ، بتنميته وتزكيته ، وأصلح جميع أحوالهم ، والسبب في ذلك أنهم : * ( اتبعوا الحق ) * الذي هو الصدق واليقين ، وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم الصادر * ( من ربهم ) * الذي رباهم بنعمته ، ودبرهم بلطفه فرباهم تعالى بالحق ، فاتبعوه ، فصلحت أمورهم . فلما كانت الغاية المقصودة لهم ، متعلقة بالحق المنسوب إلى الله الباقي ، الحق المبين ، كانت الوسيلة صالحة باقية ، باقيا ثوابها . * ( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) * حيث بين لهم تعالى أهل الخير وأهل الشر ، وذكر لكل منهم صفة يعرفون بها ويتميزون * ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ) * .

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 784
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست