responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 780


يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي ومآ أنا إلا نذير مبين * قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) * * ( وإذا تتلى عليهم ) * ، أي : على المكذبين * ( آياتنا بينات ) * بحيث تكون على وجه ، لا يمترى بها ، ولا يشك في وقوعها وحقها ، لم تفدهم خيرا ، بل قامت عليهم بذلك الحجة . ويقولون من إفكهم وافترائهم * ( للحق لما جاءهم هذا سحر مبين ) * ، أي : ظاهر لا شك فيه ، وهذا من باب قلب الحقائق ، الذي لا يروج إلا على ضعفاء العقول ، وإلا فبين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبين السحر من المنافاة والمخالفة ، أعظم مما بين السماء والأرض . وكيف يقاس الحق الذي علا وارتفع ارتفاعا على الأفلاك ، وفاق بضوئه ونوره نور الشمس ، وقامت الأدلة الأفقية والنفسية عليه ، وأقرت به وأذعنت ، أولو البصائر والعقول الرزينة ، كيف يقاس الحق الذي هذا شأنه بالباطل الذي هو السحر ، الذي لا يصدر إلا من ضال ظالم خبيث النفس ، خبيث العمل ؟ فهو مناسب له وموافق لحاله ، وهل هذا إلا من البهرجة ؟ * ( أم يقولون افتراه ) * ، أي : افترى محمد هذا القرآن من عند نفسه ، فليس هو من عند الله . * ( قل ) * ( لهم ) * ( إن افتريته ) * فالله علي قادر وبما تفيضون فيه عالم ، فكيف لم يعاقبني على افترائي ، الذي زعمتم ؟ * ( فلا تملكون لي من الله شيئا ) * إن أرادني الله بضر ، أو أرادني برحمة * ( هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم ) * فلو كنت متقولا عليه ، لأخذ مني باليمين ، ولعاقبني عقابا يراه كل أحد ، لأن هذا أعظم أنواع الافتراء لو كنت متقولا . ثم دعاهم إلى التوبة مع ما صدر منهم من معاندة الحق ومخاصمته ، فقال : * ( وهو الغفور الرحيم ) * ، أي : فتوبوا إليه ، وأقلعوا عما أنتم فيه ، يغفر لكم ذنوبكم ، ويرحمكم ، فيوفقكم للخير ، ويثيبكم جزيل الأجر . * ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) * ، أي : لست بأول رسول جاءكم ، حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي ، فقد تقدم من الرسل والأنبياء من وافقت دعوتي دعوتهم ، فلأي شيء تنكرون رسالتي ؟ * ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) * ، أي : لست إلا بشرا ، ليس بيدي من الأمر شيء ، والله تعالى المتصرف بي وبكم ، الحاكم علي وعليكم . * ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) * ولست آتي بالشيء من عندي ، * ( وما أنا إلا نذير مبين ) * ، فإن قبلتم رسالتي ، وأجبتم دعوتي ، فهو حظكم ونصيبكم في الدنيا والآخرة ، وإن رددتم ذلك علي ، فحسابكم على الله ، وقد أنذرتكم ، ومن أنذر فقد أعذر . * ( قل أرأيتم إن كان من عند الله ، وكفرتم به ، وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ) * ، أي : أخبروني ، لو كان هذا القرآن من عند الله ، وشهد على صحته الموفقون من أهل الكتاب ، الذين عندهم من الحق ما يعرفون أنه الحق ، فآمنوا به واهتدوا ، فتطابقت أنباء الأنبياء وأتباعهم النبلاء ، واستكبرتم ، أيها الجهلاء الأغبياء ، فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر ؟ * ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) * ، ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه . * ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونآ إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون ه ذآ إفك قديم * ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وه ذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ) * أي : قال الكفار بالحق معاندين له ، ورادين لدعوته : * ( لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) * ، أي : ما سبقنا إليه المؤمنون ، وكنا أول مبادر به ، وسابق إليه ، وهذا من البهرجة في مكان . فأي دليل يدل على أن علامة الحق سبق المكذبين به للمؤمنين ؟ هل هم أزكى نفوسا ؟ أم أكمل عقولا ؟ أم الهدى بأيديهم ؟ ولكن هذا الكلام الذي صدر منهم ، يعزون به أنفسهم بمنزلة من لم يقدر على الشيء ، ثم طفق يذمه ، ولهذا قال : * ( وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ) * ، أي : هذا السبب الذي دعاهم إليه ، أنهم لما لم يهتدوا بهذا القرآن ، وفاتهم أعظم المواهب ، وأجل الرغائب ، قدحوا فيه ، بأنه كذب ، وهو الحق الذي لا شك فيه ، ولا امتراء يعتريه . * ( و ) * قد وافق الكتب السماوية * ( من قبله ) * خصوصا ، أكملها وأفضلها بعد القرآن ، وهي التوراة * ( كتاب موسى إماما ورحمة ) * ، أي : يقتدي بها بنو إسرائيل ، ويهتدون بها ، ويحصل لهم خير الدنيا والآخرة . * ( وهذا ) * ( القرآن ) * ( كتاب مصدق ) * للكتب السابقة ، شهد بصدقها ، وصدقها ، بموافقته لها ، وجعله الله * ( لسانا عربيا ) * ليسهل تناوله ، ويتيسر تذكره . * ( لينذر الذين ظلموا ) * أنفسهم بالكفر والفسوق والعصيان ، إن استمروا على ظلمهم بالعذاب الوبيل . * ( وبشرى للمحسنين ) * في عبادة الخالق ، وفي نفع المخلوقين ، بالثواب الجزيل ، وفي الدنيا والآخرة ، ويذكر الأعمال التي ينذر عنها ، والأعمال التي يبشر بها . * ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أول ئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ) * أي : إن الذين أقروا بربهم ، وشهدوا له بالوحدانية ، والتزموا طاعته

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 780
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست