responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 773


إنا منتقمون ) * أن هذا ما وقع لقريش كما تقدم . وإذا نزلت هذه الآيات على هذين المعنيين ، لم تجد في اللفظ ، ما يمنع من ذلك . بل تجدها مطابقة لهما أتم المطابقة ، وهذا الذي يظهر عندي ، ويترجح ، والله أعلم . * ( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجآءهم رسول كريم * أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين * وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين * وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون * وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون * فدعا ربه أن ه ؤلاء قوم مجرمون * فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون * كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين * ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين * ولقد اخترناهم على علم على العالمين * وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ) * لما ذكر تعالى تكذيب من كذب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ذكر أن لهم سلفا من المكذبين ، فذكر قصتهم مع موسى ، وما أحل الله بهم ليرتدع هؤلاء المكذبون عن ما هم عليه ، فقال : * ( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون ) * ، أي : ابتليناهم واختبرناهم بإرسال رسولنا ، موسى بن عمران إليهم ، الرسول الكريم ، الذي فيه من الكرم ومكارم الأخلاق ما ليس في غيره . * ( أن أدوا إلي عباد الله ) * ، أي : قال لفرعون وملأه : أدوا إلي عباد الله ، يعني بهم : بني إسرائيل ، أي : أرسلوهم ، وأطلقوهم من عذابكم وسومكم إياهم سوء العذاب ، فإنهم عشيرتي ، وأفضل العالمين في زمانهم . وأنتم قد ظلمتموهم ، واستعبدتموهم بغير حق ، فأرسلوهم ليعبدوا ربهم ، * ( إني لكم رسول أمين ) * ، أي : رسول من رب العالمين ، أمين على ما أرسلني به ، لا أكتمكم منه شيئا ، ولا أزيد فيه ولا أنقص ، وهذا يوجب تمام الانقياد له . * ( وأن لا تعلوا على الله ) * بالاستكبار عن عبادته ، والعلو على عباد الله ، * ( إني آتيكم بسلطان مبين ) * ، أي : بحجة بينة ظاهرة ، وهو ما أتى به من المعجزات الباهرات ، والأدلة القاهرات ، فكذبوه وهموا بقتله ، فلجأ إلى الله من شرهم ، فقال : * ( وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ) * ، أي : تقتلوني شر القتلات ، بالرجم بالحجارة . * ( وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) * ، أي : لكم ثلاث مراتب : الإيمان بي ، وهو مقصودي منكم ، فإن لم تحصل منكم هذه المرتبة ، فاعتزلوني ، لا علي ولا لي ، فاكفوني شركم . فلم تحصل منهم المرتبة الأولى ولا الثانية ، بل لم يزالوا متمردين عاتين على الله ، محاربين لنبيه موسى عليه السلام ، غير ممكنين له من قومه بني إسرائيل ، * ( فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ) * ، أي : قد أجرموا جرما ، يوجب تعجيل العقوبة . فأخبر عليه السلام بحالهم ، وهذا دعاء بالحال ، التي هي أبلغ من المقال ، عن نفسه عليه السلام * ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) * ، فأمره الله أن يسري بعباده ليلا ، وأخبره أن فرعون وقومه سيتبعونه . * ( واترك البحر رهوا ) * ، وذلك أنه لما سرى موسى ببني إسرائيل كم أمره الله ، ثم تبعهم فرعون ، أمر الله موسى أن يضرب البحر ، فضربه ، فصار اثني عشر طريقا ، وصار الماء من بين تلك الطرق ، كالجبال العظيمة ، فسلكه موسى وقومه . فلما خرجوا منه ، أمره الله أن يتركه رهوا ، أي : بحاله ، ليسلكه فرعون وجنوده * ( إنهم جند مغرقون ) * . فلما تكامل قوم موسى خارجين منه ، وقوم فرعون داخلين فيه ، أمره الله تعالى أن يلتطم عليهم ، فغرقوا عن آخرهم ، وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا ، وأورثه الله بني إسرائيل ، الذين كانوا مستعبدين لهم ، ولهذا قال : * ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها ) * ، أي : هذه النعمة المذكورة * ( قوما آخرين ) * ، وفي الآية الأخرى : * ( كذلك وأورثناها بني إسرائيل ) * . * ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) * ، أي : لما أتلفهم الله وأهلكهم ، لم تبك عليهم السماء والأرض ، أي : لم يحزن عليهم ، ولم ييأس على فراقهم ، بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم حتى السماء والأرض ، لأنهم ما خلفوا من آثارهم إلا ما يسود وجوههم ، ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين . * ( وما كانوا منظرين ) * ، أي : ممهلين عن العقوبة ، بل اصطلتمهم في الحال . ثم امتن تعالى على بني إسرائيل ، فقال : * ( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين ) * الذي كانوا فيه * ( من فرعون ) * إذ يذبح أبناءهم ، ويستحيي نساءهم . * ( إنه كان عاليا ) * ، أي : مستكبرا في الأرض بغير الحق * ( من المسرفين ) * المتجاوزين لحدود الله ، والمتجرئين على محارمه . * ( ولقد اخترناهم ) * ، أي : اصطفيناهم وانتقيناهم * ( على علم ) * منا بهم ، وباستحقاقهم لذلك الفضل * ( على العالمين ) * ، أي : عالمي زمانهم ومن قبلهم وبعدهم حتى أتى الله بأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ففضلوا العالمين كلهم ، وجعلهم الله خير أمة أخرجت للناس ، وامتن عليهم ، بما لم يمتن به على غيرهم . * ( وآتيناهم ) * ، أي : بني إسرائيل * ( من الآيات ) * الباهرة ، والمعجزات الظاهرة . * ( ما فيه بلاء مبين ) * ، أي :

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 773
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست