نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 282
السالفة والمذاهب الماضية ، وأسرار الكتب الإلهية والشرائع النبوية ، وتصل إلى الشريعة ، ومنها إلى الطريقة ، ومنها إلى الحقيقة ، وتطالع درجات الأنبياء والمرسلين ، ودركات الملعونين والمردودين والضالين ، فإذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم فابصر به الدنيا إذ باسمه قامت السماوات والأرضون وإذا قلت الحمد لله رب العالمين أبصرت به الآخرة إذ بكلمة الحمد قامت الآخرة كما قال : * ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) * ( يونس : 10 ) وإذا قلت الرحمن الرحيم فابصر به عالم الجمال ، وهو الرحمة والفضل والإحسان ، وإذا قلت مالك يوم الدين فأبصر به عالم الجلال وما يحصل فيه من الأحوال والأهوال ، وإذا قلت إياك نعبد فأبصر به عالم الشريعة ، وإذا قلت وإياك نستعين فابصر به الطريقة ، وإذا قلت اهدنا الصراط المستقيم فابصر به الحقيقة ، وإذا قلت صراط الذين أنعمت عليهم فابصر به درجات أرباب السعادات وأصحاب الكرامات من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وإذا قلت غير المغضوب عليهم فابصر به مراتب فساق أهل الآفاق ، وإذا قلت ولا الضالين فابصر به دركات أهل الكفر والشقاق والخزي والنفاق على كثرة درجاتها وتباين أطرافها وأكنافها . ثم إذا انكشفت لك هذه الأحوال العالية والمراتب السامية فلا تظنن أنك بلغت الغور والغية ، بل عد إلى الإقرار للحق بالكبرياء ، ولنفسك بالذلة والمسكنة ، وقل : الله أكبر ، ثم أنزل من صفة الكبرياء إلى صفة العظمة ، فقل : سبحان ربي العظيم ، وإن أردت أن تعرف ذرة من صفة العظمة فاعرف أنا بينا أن العظمة صفة العرش ، ولا يبلغ مخلوق بعقله كنه عظمة العرش وإن بقي إلى آخر أيام العالم ، ثم اعرف أن عظمة العرش في مقابلة عظمة الله كالقطرة في البحر فكيف يمكنك أن تصل إلى كنه عظمة الله ؟ ثم ههنا سر عجيب وهو أنه ما جاء سبحان ربي الأعظم وإنما جاء سبحان ربي العظيم ، وما جاء سبحان ربي العالي وإنما جاء سبحان ربي الأعلى ، ولهذا التفاوت أسرار عجيبة لا يجوز ذكرها ، فإذا ركعت وقلت سبحان ربي العظيم فعد إلى القيام ثانياً ، وادع لمن وقف موقفك وحمد حمدك وقل : سمع الله لمن حمده ، فإنك إذا سألتها لغيرك وجدتها لنفسك وهو المراد من قوله عليه السلام : " لا يزال الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم " . قال قيل : ما السبب في أنه لم يحصل في هذا المقام التكبير ؟ . قلنا : لأن التكبير مأخوذ من الكبرياء وهو مقام الهيبة والخوف ، وهذا المقام مقام الشفاعة ، وهما متباينان . ثم إذا فرغت من هذه الشفاعة فعد إلى التكبير وانحدر به إلى صفة العلو وقل سبحان ربي
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 282