نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 277
فإنه إذا استحكمت المرافقة تعذرت المفارقة ، ألا ترى أن الصديق اختار صحبة محمد عليه السلام فلزمه في الدنيا ، وفي القبر ، وفي القيامة ، وفي الجنة وأن كلباً صحب أصحاب الكهف فلزمهم في الدنيا ، وفي الآخرة ، ولهذا السر قال تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) * ( التوبة : 119 ) ثم إذا تطهرت فارفع يديك ، وذلك الرفع إشارة إلى توديع عالم الدنيا وعالم الآخرة فاقطع نظرك عنهما بالكلية ، ووجه قلبك وروحك وسرك وعقلك وفهمك وذكرك وفكرك إلى الله ، ثم قل : الله أكبر ، والمعنى أنه أكبر من كل الموجودات ، وأعلى وأعظم وأعز من كل المعلومات ، بل هو أكبر من أن يقاس إليه شيء أو يقال أنه أكبر ، ثم قل : سبحانك اللهم وبحمدك ، وفي هذا المقام تجلى لك نور سبحات الجلال ، ثم ترقيت من التسبيح إلى التحميد ثم قل : تبارك اسمك ، وفي هذا المقام انكشف لك نور الأزل والأبد ، لأن قوله تبارك إشارة إلى الدوام المنزه عن الأفناء والإعدام ، وذلك يتعلق بمطالعة حقيقة الأزل في العدم ، ومطالعة حقيقة الأبد في البقاء ، ثم قل : وتعالى جدك ، وهو إشارة إلى إنه أعلم وأعظم من أن تكون صفات جلاله ونعوت كماله محصورة في القدر المذكور ، ثم قل : ولا إله غيرك ، وهو إشارة إلى أن كل صفات الجلال وسمات الكمال له لا لغيره ، فهو الكامل الذي لا كامل إلا هو ، والمقدس الذي لا مقدس إلا هو ، وفي الحقيقة لا هو إلا هو ولا إله إلا هو ، والعقل ههنا ينقطع ، واللسان يعتقل ، والفهم يتبلد ، والخيال يتحير ، والعقل يصير كالزمن ، ثم عد إلى نفسك وحالك وقل : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ، فقولك : " سبحانك اللهم وبحمدك " معراج الملائكة المقربين ، وهو المذكور في قوله : * ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) * ( البقرة : 30 ) وهو أيضاً معراج محمد عليه السلام ، لأن معراجه مفتتح بقوله : " سبحانك اللهم وبحمدك " وأما قولك : " وجهت وجهي " فهو معراج إبراهيم الخليل عليه السلام ، وقولك : " إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله " فهو معراج محمد الحبيب عليه السلام ، فإذا قرأت هذين الذكرين فقد جمعت بين معراج أكابر الملائكة المقربين وبين معراج عظماء الأنبياء والمرسلين ، ثم إذا فرغت من هذه الحالة فقل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، لتدفع ضرر العجب من نفسك . واعلم أن للجنة ثمانية أبواب ، ففي هذا المقام انفتح لك باب من أبواب الجنة ، وهو باب المعرفة ، والباب الثاني : هو باب الذكر وهو قولك بسم الله الرحمن الرحيم ، والباب الثالث : باب الشكر ، وهو قولك الحمد لله رب العالمين والباب الرابع : باب الرجاء ، وهو قولك الرحمن الرحيم ، والباب الخامس : باب الخوف ، وهو قولك مالك يوم الدين ، والباب السادس : باب
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 277