responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 276


ومصاعد السعادات حتى تصل إلى الأرواح المتعلقة بسماء الدنيا ثم تصير أعلى وهي أرواح السماء الثانية وهكذا حتى تصل إلى الأرواح الذين هم سكان درجات الكرسي ، وهي أيضاً متفاوتة في الاستعلاء ، ثم تصير أعلى وهم الملائكة المشار إليهم بقوله تعالى : * ( وترى الملائكة حافين من حول العرش ) * ( الزمر : 75 ) ثم تصير أعلى وأعظم وهم المشار إليهم بقوله تعالى : * ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانية ) * ( الحاقة : 17 ) وفي عدد الثمانية أسرار لا يجوز ذكرها ههنا ثم تترقى فتنتهي إلى الأرواح المقدسة عن التعلقات بالأجسام ، وهم الذين طعامهم ذكر الله ، وشرابهم محبة الله ، وأنسهم بالثناء على الله ، ولذتهم في خدمة الله ، وإليهم الإشارة بقوله : * ( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ) * ( الأنبياء : 19 ) وبقوله : * ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) * ( الأنبياء : 20 ) ثم لهم أيضاً درجات متفاوتة ، ومراتب متباعدة ، والعقول البشرية قاصرة عن الإحاطة بأحوالها ، والوقوف على شرح صفاتها ، ولا يزال هذا الترقي والتصاعد حاصلاً كما قال تعالى : * ( وفوق كل ذي علم عليم ) * ( يوسف : 76 ) إلى أن ينتهي الأمر إلى نور الأنوار ، ومسبب الأسباب ، ومبدأ الكل ، وينبوع الرحمة ، ومبدأ الخير ، وهو الله تعالى ، فثبت أن عالم الأرواح هو عالم الغيب ، وحضرة جلال الربوبية هي غيب الغيب ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : " إن لله سبعين حجاباً من النور لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما أدرك البصر " وتقدير عدد تلك الحجب بالسبعين مما لا يعرف إلا بنور النبوة .
فقد ظهر بما ذكرنا أن المعراج على قسمين : أولهما : المعراج من عالم الشهادة إلى عالم الغيب ، والثاني : المعراج من عالم الغيب إلى عالم غيب الغيب ، وهذه كلمات برهانية يقينية حقيقية .
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى المقصود فنقول : إن محمداً عليه السلام لما وصل إلى المعراج وأراد أن يرجع قال : يا رب العزة إن المسافر إذا أراد أن يعود إلى وطنه احتاج إلى محمولات يتحف بها أصحابه وأحبابه ، فقيل له : إن تحفة أمتك الصلاة ، وذلك لأنها جامعة بين المعراج الجسماني ، وبين المعراج الروحاني : أما الجسماني فبالأفعال ، وأما الروحاني فبالأذكار ، فإذا أردت أيها العبد الشروع في هذا المعراج فتطهر أولاً ، لأن المقام مقام القدس ، فليكن ثوبك طاهراً ، وبدنك طاهراً لأنك بالوادي المقدس طوى ، وأيضاً فعندك ملك وشيطان ، فانظر أيهما تصاحب : ودين ودنيا ، فانظر أيهما تصاحب : وعقل وهوى ، فانظر أيهما تصاحب : وخير وشر ، وصدق وكذب ، وحق وباطل ، وحلم وطيش ، وقناعة وحرص ؛ وكذا القول في كل الأخلاق المتضادة والصفات المتنافية ، فانظر أنك تصاحب أي الطرفين وتوافق أي الجانبين

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست