responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 259


تعالى هو الخالق لتلك النعمة ، والخالق لذلك المنعم ، والخالق لداعية الأنعام بتلك النعمة في قلب ذلك المنعم ، إلا أنه تعالى لما أجرى تلك النعمة على يد ذلك العبد كان ذلك العبد مشكوراً ، ولكن المشكور في الحقيقة هو الله تعالى ولهذا قال : * ( أن أشكر لي ولوالديك إلى المصير ) * ( لقمان : 14 ) فبدأ بنفسه تنبيهاً على أن إنعام الخلق لا يتم إلا بإنعام الله ، وثالثها : نعم وصلت من الله إلينا بسبب طاعتنا ، وهي أيضاً من الله تعالى ؛ لأنه لولا أن الله سبحانه وتعالى وفقنا للطاعات وأعاننا عليها وهدانا إليها وأزاح الأعذار عنا وإلا لما وصلنا إلى شيء منها ، فظهر بهذا التقرير أن جميع النعم في الحقيقة من الله تعالى .
الفرع الثاني : أن أول نعم الله على العبيد هو أن خلقهم أحياء ، ويدل عليه العقل والنقل أما العقل فهو أن الشيء لا يكون نعمة إلا إذا كان بحيث يمكن الانتفاع به ، ولا يمكن الانتفاع به إلا عند حصول الحياة ، فإن الجماد والميت لا يمكنه أن ينتفع بشيء ، فثبت أن أصل جميع النعم هو الحياة ، وأما النقل فهو أنه تعالى قال : * ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ) * ثم قال عقيبه : * ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) * ( البقرة : 29 ) فبدأ بذكر الحياة ، وثنى بذكر الأشياء التي ينتفع بها ، وذلك يدل على أن أصل جميع النعم هو الحياة .
الفرع الثالث : اختلفوا في أنه هل لله تعالى نعمة على الكافر أم لا ؟ فقال بعض أصحابنا : ليس لله تعالى على الكافر نعمة ، وقالت المعتزلة : لله على الكافر نعمة دينية ، ونعمة دنيوية واحتج الأصحاب على صحة قولهم بالقرآن والمعقول : أما القرآن فآيات . إحداها : قوله تعالى : * ( صراط الذين أنعمت عليهم ) * وذلك لأنه لو كان لله على الكافر نعمة لكانوا داخلين تحت قوله تعالى : * ( أنعمت عليهم ) * ولو كان كذلك لكان قوله : * ( إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ) * طلباً لصراط الكفار ، وذلك باطل ، فثبت بهذه الآية أنه ليس لله نعمة على الكفار ، فإن قالوا : إن قوله الصراط يدفع ذلك ، قلنا : إن قولنا : * ( صراط الذين أنعمت عليهم ) * بدل من قوله : * ( الصراط المستقيم ) * فكان التقدير إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم ، وحينئذٍ يعود المحذور المذكور . والآية الثانية : قوله تعالى : * ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ) * ( آل عمران : 178 ) وأما المعقول فهو أن نعم الدنيا في مقابلة عذاب الآخرة على الدوام قليلة كالقطرة في البحر ، ومثل هذا لا يكون نعمة ، بدليل أن من جعل السم في الحلواء لم يعد النفع الحاصل منه نعمة لأجل أن ذلك النفع حقير في مقابلة ذلك الضرر الكثير ، فكذا ههنا .

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست