نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 258
والصالحين في الدنيا فأرجو أن لا أفارقهم في القيامة ، قال تعالى : * ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ) * ( النساء : 69 ) الآية . الفائدة الثالثة : اعلم أن أهل الهندسة قالوا الخط المستقيم هو أقصر خط يصل بين نقطتين ، فالحاصل أن الخط المستقيم أقصر من جميع الخطوط المعوجة ، فكان العبد يقول : إهدنا الصراط المستقيم لوجوه : الأول : أنه أقرب الخطوط وأقصرها ، وأنا عاجز فلا يليق بضعفي إلا الطريق المستقيم . الثاني : أن المستقيم واحد وما عداه معوجة وبعضها يشبه بعضاً في الإعوجاج فيشتبه الطريق على ، أما المستقيم فلا يشابهه غيره فكان أبعد عن الخوف والآفات وأقرب إلى الأمان . الثالث : الطريق المستقيم يوصل إلى المقصود ، والمعوج لا يوصل إليه . الرابع : المستقيم لا يتغير ، والمعوج يتغير ، فلهذه الأسباب سأل الصراط المستقيم ، والله أعلم . الفصل الثامن في تفسير قوله صراط الذين أنعمت عليهم ، وفيه فوائد معنى قوله ( صراط الذين أنعمت عليهم ) : الفائدة الأولى : في حد النعمة ، وقد اختلف فيها ، فمنهم من قال إنها عبارة عن المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير ، ومنهم من يقول : المنفعة الحسنة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير ، قالوا وإنما زدنا هذا القيد لأن النعمة يستحق بها الشكر ، وإذا كانت قبيحة لا يستحق بها الشكر ، والحق أن هذا القيد غير معتبر ، لأنه يجوز أن يستحق الشكر بالإحسان وإن كان فعله محظوراً ، لأن جهة استحقاق الشكر غير جهة استحقاق الذنب والعقاب ، فأي امتناع في اجتماعهما ؟ ألا ترى أن الفاسق يستحق بإنعامه الشكر ، والذم بمعصية الله ، فلم لا يجوز أن يكون الأمر ههنا كذلك . ولنرجع إلى تفسير الحد المذكور فنقول : أما قولنا " المنفعة " فلان المضرة المحضة لا تكون نعمة ، وقولنا " المفعولة على جهة الإحسان " لأنه لو كان نفعاً حقاً وقصد الفاعل به نفع نفسه لا نفع المفعول به لا يكون نعمة ، وذلك كمن أحسن إلى جاريته ليربح عليها . إذا عرفت حد النعمة فيتفرع عليه فروع : الفرع الأول : اعلم أن كل ما يصل إلى الخلق من النفع ودفع الضرر فهو من الله تعالى على ما قال تعالى : * ( وما بكم من نعمة فمن الله ) * ( النحل : 53 ) ثم أن النعمة على ثلاثة أقسام : أحدها : نعمة تفرد لله بإيجادها ، نحو أن خلق ورزق . وثانيها : نعمة وصلت من جهة غير الله في ظاهر الأمر ، وفي الحقيقة فهي أيضاً إنما وصلت من الله تعالى ، وذلك لأنه
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 258