responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 250


عليه السلام وصلت تلك الغلبة إلى حيث قطعن أيديهن وما شعرن بذلك ، فإذا جاز هذا في حق البشر فلان يجوز عند استيلاء عظمة الله على القلب أولى ، ولأن من دخل على ملك مهيب فربما مر به أبواه وبنوه وهو ينظر إليهم ولا يعرفهم لأجل أن استيلاء هيبة ذلك الملك تمنع القلب عن الشعور بهم ، فإذا جاز هذا في حق ملك مخلوق مجازي فلان يجوز في حق خالق العالم أولى .
ثم قال أهل التحقيق : العبادة لها ثلاث درجات : الدرجة الأولى : أن يعبد الله طمعاً في الثواب أو هرباً من العقاب ، وهذا هو المسمى بالعبادة ، وهذه الدرجة نازلة ساقطة جداً ، لأن معبوده في الحقيقة هو ذلك الثواب ، وقد جعل الحق وسيلة إلى نيل المطلوب ، ومن جعل المطلوب بالذات شيئاً من أحوال الخلق وجعل الحق وسيلة إليه فهو خسيس جداً .
والدرجة الثانية : أن يعبد الله لأجل أن يتشرف بعبادته ، أو يتشرف بقبول تكاليفه ، أو يتشرف بالانتساب إليه ، وهذه الدرجة أعلى من الأولى ، إلا أنها أيضاً ليست كاملة ، لأن المقصود بالذات غير الله .
والدرجة الثالثة : أن يعبد الله لكونه إلهاً وخالقاً ، ولكونه عبداً له ، والإلهية توجب الهيبة والعزة ، والعبودية توجب الخضوع والذلة ، وهذا أعلى المقامات وأشرف الدرجات ، وهذا هو المسمى بالعبودية ، وإليه الإشارة بقول المصلي في أول الصلاة أصلي لله ، فإنه لو قال أصلي لثواب الله ، أو للهرب من عقابه فسدت صلاته .
واعلم أن العبادة والعبودية مقام عالٍ شريف ، ويدل عليه آيات : الأولى : قوله تعالى في آخر سورة الحجر : * ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) * ( الحجر : 97 - 99 ) والاستدلال بها وجهين : أحدهما : أنه قال : * ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) * فأمر محمداً عليه الصلاة والسلام بالمواظبة على العبادة إلى أنه يأتيه الموت ، ومعناه أنه لا يجوز الإخلال بالعبادة في شيء من الأوقات ، وذلك يدل على غاية جلالة أمر العبادة ، وثانيهما : أنه قال : * ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ) * ثم إنه تعالى أمره بأربعة أشياء : التسبيح : وهو قوله فسبح ؛ والتحميد : وهو قوله بحمد ربك ؛ والسجود : وهو قوله : * ( وكن من الساجدين ) * والعبادة ؛ وهي قوله : * ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) * ؛ وهذا يدل على أن العبادة تزيل ضيق القلب ، وتفيد انشراح الصدر ، وما ذاك إلا لأن العبادة توجب الرجوع من الخلق إلى الحق ، وذلك يوجب زوال ضيق القلب .

نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي    جلد : 1  صفحه : 250
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست