responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 8  صفحه : 11


الجوارحِ بإعلامِه تعالَى حينئذٍ لا بأنَّها كانتْ عالمةً بما شهدتْ به عند صدورِه عنهم . عن ابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه : كنتُ مستتراً بأستارِ الكعبةِ فدخلَ ثلاثةُ نفرٍ ، ثقفيانِ وقرشيٌّ ، أو قرشيانِ وثقفيٌّ فقال أحدُهم أترونَ أنَّ الله يسمعُ ما نقولُ قال الآخرُ يسمعُ إنْ جهَرنا ، ولا يسمعُ أنْ أخفينَا فذكرتُ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فأنزلَ الله تعالَى : وما كنتُم تستترونَ الآيةَ . فالحكمُ المحكيُّ حينئذٍ يكونُ خاصَّاً بمن كانَ على ذلكَ الاعتقادِ من الكَفَرةِ ، ولعلَّ الأنسبَ أنْ يرادَ بالظنِّ مَعْنى مجازيٌّ يعمُّ معناهُ الحقيقيَّ ومَا يَجري مَجراهُ من الأعمالِ المنبئةِ عنْهُ كما في قولِه تعالَى : يحسب أنَّ مالَه أخلدَه ليعمَّ ما حُكي من الحالِ جميَع أصنافِ الكَفَرةِ فتدبرْ . وذلُكم إشارةٌ إلى ما ذُكِرَ منْ ظنِّهم ، وما فيهِ من مَعْنى البُعدِ للإيذانِ بغايةِ بُعدِ منزلتِه في الشرِّ والسوءِ وهُو مبتدأ . وقولُه تعالى : ظَنُّكم الذي ظَننتُم بربِّكم أرْدَاكُم خبرانِ لهُ ويجوزُ أن يكونَ ظنُّكُم بدلاً وأرداكُم خبراً . فأصبحتم بسببِ ذلكَ الظنِّ السوءِ الذي أهلككُم منَ الخاسرين إذْ صارَ ما مُنِحوا لنيلِ سَعادةِ الدارينِ سبباً لشقاءِ النشأتينِ فإن يصبرُوا فالنارُ مَثْوى لهم أي محلُّ ثُواءٍ وإقامةٍ أبديةٍ لهم بحيثُ لا براحَ لهم منهَا . والالتفاتُ إلى الغَيبةِ للإيذانِ باقتضاءِ حالِهم أن يُعرضَ عنهم ويُحكى سوءُ حالِهم لغيرِهم ، أو للإشعارِ بإبعادِهم عن حيزِ الخطابِ وإلقائِهم في غايةِ دركاتِ النارِ . وإنْ يستعتبُوا أي يسألُوا العُتْبَى وهُو الرجوعُ إلى ما يحبونَهُ جزعاً مما هُم فيِه . فما هُم من المُعتبين المجابينَ إليَها ، ونظيرُه قولُه تعالى : سواءٌ علينا أجزِعنا أم صبرنا ما لنَا من محيصٍ وقُرىءَ وإنْ يَسْتعتبُوا فما هُم من المعتبِين أيْ إنْ يسألُوا أن يُرضوا ربَّهم ، فما هُم فاعلونَ لفواتِ المُكنةِ .
وقَيَّضْنَا لهم أيْ قدّرنا وقرنّا للفكرةِ في الدُّنيا قرناءَ جمعُ قرينٍ أي أخداناً من الشياطينِ يستولُون عليهم استيلاءَ القيضِ على البيضِ وهو القشرُ وقيل : أصلُ القيضِ البدلُ ومنه المقايضةُ للمعاوضةِ . فزينُوا لهم ما بينَ أيديهم مِن أمورِ الدُّنيا واتباعِ الشهواتِ وما خلفَهُم من أمورِ الآخرةِ حيثُ أرَوهم أنْ لا بعثَ ولا حسابَ ولا مكروَه قطُّ . وحقَّ عليهم القولُ أيْ ثبتَ وتقررَ عليهم كلمةُ العذابِ وتحققَ موجبُها ومصداقُها ، وهو قولُه تعالَى لإبليسَ : فالحقُّ والحقَّ أقولُ لأملأنَّ جهنَم منكَ وممن تبعكَ منهم أجمعينَ . وقولُه تعالَى : لمن تبعكَ منهم لأملأنَّ جهنَم منكم أجمعينَ كما مرَّ مِراراً . في أممٍ حالٌ من الضميرِ المجرورِ أي كائنتينَ في جملةِ أممٍ وقيلَ : فِي بمعْنى مَعَ ، وهَذا كما ترَى صريحٌ في أنَّ المرادَ بأعداءِ الله تعالى فيما سبقَ المعهودونَ من عادٍ وثمودَ لا الكفارُ من الأولينَ والآخرينَ كما قيلَ .
قد خلتْ صفةٌ لأممٍ ، أي مضتْ من قبلِهم من الجنِّ والإنسِ على الكُفر والعصيانِ كدأبِ هؤلاءِ إنهُم كانُوا خاسرينَ تعليلٌ لاستحقاقِهم العذابَ ، والضميرُ للأولينَ والآخرينَ . وقال الذينَ كفرُوا من رؤساء المشركين لأعقابهم أو قالَ

نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود    جلد : 8  صفحه : 11
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست