نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 8 صفحه : 10
إذا ما جاؤوها » أي جميعاً غايةٌ ليُحْشَرُ أو ليوزعونَ أي حتَّى إذَا حضرُوها . ومَا مزيدةٌ لتأكيدِ اتصالِ الشهادةِ بالحضورِ شهِد عَليهم سَمعُهم وأَبْصارُهم وجُلودُهم بَما كانُوا يعملونَ في الدُّنيا من فنونِ الكفرِ والمعاصِي بأنْ يُنطقَها الله تعالى أو يظهرَ عليها آثارَ ما اقترفُوا بهَا . وعن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما أنَّ المرادَ بشهادةِ الجلودِ شهادةُ الفروجِ وهو الأنسبُ بتخصيصِ السؤالِ بَها في قولِه تعالى وقالوا لجلودِهم لم شهدتُم علينا فإن ما تشهدُ به من الزنا أعظمُ جنايةً وقبحاً وأجلبُ للخِزي والعقوبةِ مما يشهدُ به السمعُ والأبصارُ من الجناياتِ المكتسبةِ بتوسُّطِهما . وقيلَ : المرادُ بالجلودِ الجوارحُ أي سألُوها سؤالَ توبيخٍ ، لما رُوي أنَّهم قالُوا لها فعنكُنَّ كنا نناضِلُ ، وفي روايةٍ بُعداً لكُنَّ وسُحْقاً ، عنكنَّ كنتُ أجادلُ . وصيغةُ جمعِ العقلاءِ في خطابِ الجلودِ وفي قولِه تعالى : قالوا أنطقنَا الله الذي أنطقَ كلَّ شيءٍ لوقوعِها في موقعِ السؤالِ والجوابِ المختصَّينِ بالعقلاءِ أي أنطقنَا الله الذي أنطقَ كلَّ ناطقٍ وأقدرنا على بيانِ الواقعِ فشهدنَا عليكم بمَا عملتُم بواسطتِنا من القبائحِ ما كتمناهَا . وقيلَ : ما نطقنَا باختيارِنا بلْ أنطقنَا الله الذي أنطقَ كلَّ شيءٍ وليسَ بذاكَ لما فيهِ من إيهامِ الاضطرارِ في الإخبارِ . وقيلَ : سألُوها سؤالَ تعجبٍ فالمَعْنى حينئذٍ ليس نطقُنا بعجبٍ من قُدرةِ الله الذي أنطقَ كلَّ حَي . وهُو خلقكُم أولَ مرةٍ وإليهِ تُرجعون فإن من قدرَ على خلقِكم وإنشائِكم أولاً وعلى إعادتِكم ورجْعِكم إلى جزائِه ثانياً لا يُتعجبُ من إنطاقِه لجوارِحِكم . ولعل صيغةَ المضارعِ مع أنَّ هذهِ المحاورةَ بعدَ البعثِ والرجعِ لَمَّا أنَّ المرادَ بالرجعِ ليسَ مجردَ الردِّ إلى الحياةِ بالبعثِ بلْ مايعمُّه وما يترتبُ عليهِ منَ العذابِ الخالدِ المترقَّبِ عندَ التخاطبِ على تغليبِ المتوقعِ على الواقعِ على أنَّ فيه مراعاةَ الفواصلِ . وقولُه تعالى : وما كُنتم تستترونَ أنْ يشهدَ عليكم سمعُكم ولا أبصارُكم ولا جلودُكم حكايةٌ لما سيقالُ لهُمْ يومئذٍ من جهتهِ تعالى بطريقِ التوبيخ والتقريعِ تقريراً لجوابِ الجلودِ أي ما كنتُم تستترونَ في الدُّنيا عند مباشرتِكم الفواحشَ مخافةَ أن تشهدَ عليكُم جوارِحُكُم بذلكَ كما كنتُم تستترونَ من الناسِ مخافةَ الافتضاحِ عندهم بلْ كنتُم جاحدينَ بالبعثِ والجزاءِ رأساً ولكنْ ظننتُم أن الله لا يعلمُ كثيراً مما تعملونَ من القبائحِ المخفيةِ فلا يُظهرها في الآخرةِ ولذلكَ اجترأتُم على ما فعلتُم ، وفيهِ إيذانٌ بأنَّ شهادةَ
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 8 صفحه : 10