نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 250
الذي أريد بيان تحققه على كل حال وذلك في مثال النفي عدم الإعطاء المستفاد من الفعل المنفي المذكور وأما فيما نحن فيه فهو نفس العود المستفاد من الفعل المقدر إذ هو الذي يقتضيه الكلام السابق أعني قولهم لتعودن وأما الاستفهام فخارج عنه وارد عليه لإبطال ما يفيده ونفي مال يقتضيه لا أنه من تمامه كما في صورة النفي وتوضيحه أن بين النفيين فرقا معنويا تختلف به أحكامهما التي من جملتها ما ذكر من اعتبار الأولوية في أحدهما بالنسبة إلى نفسه وفي الآخر بالنسبة إلى متعلقة ولذلك لا تستقيم إقامة أحدهما مقام الآخر على وجه الكلية ألا يرى أنك لو قلت مكان أنعود فيها الخ لا نعود فيها ولو كنا كارهين لاختل المعنى اختلالا فاحشا لأن مدلول الأول نفي العود المقيد بحال الكراهة ومدلول الثاني تقييد العود المنفي بها وذلك لأن حرف النفي يباشر نفس الفعل وينفيه وما يذكر بعده يرجع إليه من حيث هو منفي وأما همزة الاستفهام فإنها تباشر الفعل بعد تقييده بما بعده لما أن دلالتها على الإنكار والنفي ليست بدلالة وضعية كدلالة حرف النفي حتى يتعلق معناها بنفس الفعل الذي يليها ويكون ما بعده راجعا إليه من حيث هو منفي بل هي دلالة عقلية مستفادة من سياق الكلام فلا بد أن يكون ما يذكر بعج الفعل من موانعه ودواعي إنكاره ونفيه حتما ليكون قرينة صارفة للهمزة عن حقيقتها إلى معنى الإنكار والنفي ثم لما كان المقصود نفي الحاكم على كل حال مع الاقتصاد على ذكر بعض منها مغن عن ذكر ما عداها لاستلزام تحققه معه تحققه مع غيره بطريق الأولوية وكانت حال الكراهة عند كونها قيدا لنفس العود كذلك أي مغنيا عن ذكر سائر الأحوال ضرورة أن تحقق العود في حال الكراهة مستلزم لتحققه في حال عدمها البتة وعند كونها قيدا لنفيه بخلاف ذلك أي غير مغن عن ذكر غيرها ضرورة أن نفي العود في حال الكراهة لا يستلزم نفيه في غيرها بل الأمر بالعكس فإن نفيه في حال الإرادة مستلزم لنفيه في حال الكراهة قطعا استقام الأول لإفادته نفي العود في الحالتين مع الاقتصار على ما ذكر ما هو مغن عن ذكر الأخرى ولم يستقم الثاني لعدم إفادته إياه على الوجه المذكور إن قيل فما وجه استقامتهما جميعا عند ذكر المعطوفين معا حيث يصح أن يقال لا نعود فيها لو لم نكن كارهين كما يصح أن يقال أنعود فيها لو لم نكن كارهين ولو كنا كارهين مع أن المقدر في حكم الملفوظ قلنا وجهها أن كلا منهما يفيد معنى صحيحا في نفسه لا أن معنى أحدهما عين معنى الآخر أو متلازمان متفقان في جميع الأحكام كيف لا ومدلول الأول أن العود منتف في الحالتين ومدلول الثاني مصحح لنفي العود في الحالتين منتف وكلا المعنيين صحيح في نفسه مصحح لنفي العود فسي الحالتين مع ذكرهما معا غير أن الثاني مصحح لنفي العود في الحالتين مع الاقتصار على ذكر حالة الكراهة على عكس المعنى الأول فإنه مصحح لنفيه فيهما مع الاقتصاد على ذكر حالة الإرادة « قد افترينا
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 250