نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 249
بالذات أو بالواسطة من الحكم الموجب أو المنفي على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمال بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر بثبوته أو انتفائه معه ثبوته أو انتفاؤه مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية لما أن الشيء متى تحقق مع المنافي القوي فلأن يتحقق مع غيره أولى ولذلك لا يذكر معه شيء من سائر الأحوال ويكتفي عنه بذكر الواو العاطفة للجملة على نظيرتها المقابلة لها الشاملة لجميع الأحوال المغايرة لها عند تعددها وهذا معنى قولهم إنها لاستقصاء الأحوال على سبيل الإجمال وهذا المعنى ظاهر في الخبر الموجب والمنفي والأمر والنهي كما في قولك فلان جواد يعطي ولو كان فقيرا أو بخيل لا يعطي ولو كان غنيا وكقولك أحس غليه ولو أساء إليك ولا تهنه ولو أهانك لبقائه على حاله سالما عما يغيره وأما فيما نحن فيه ففيه نوع خفاء لتغيره بورود الإنكار عليه لكن الأصل في الكل واحد إلا أن كلمة لو في الصور المذكورة متعلقة بنفس الفعل المذكور قبلها وأن ما يقصد بيان تحققه على كل حال هو نفس مدلوله وأن الجملة حال من ضميره أو مما يتعلق به وأن ما في حيز لو مقرر على ما هو عليه من الاستبعاد بخلاف ما نحن فيه لما أن كلمة لو متعلقة فيه بفعل مقدر يقتضيه المذكور وأن ما يقصد بيان تحققه على كل حال هو مدلوله لا مدلول المذكور وأن الجملة حال من ضميره لا من ضمير المذكور كما سيأتي وأن المقصود الأصلي إنكار مدلوله من حيث مقارنته للحالة المذكورة وأما تقدير مقارنته لغيرها فلتوسيع الدائرة وأن ما في حيز لو لا يقصد استبعاده في نفسه بل يقصد الإشعار بأنه أمر مقرر إلا أنه أخرج مخرج الاستبعاد مبالغة في الإنكار من جهة أن العود مما ينكر عند كون الكراهة أمرا مستبعدا فكيف به عند كونها أمرا محققا ومعاملة مع المخاطبين على معتقدهم لاستنزالهم من رتبة العناد وليس المراد بالكراهة مجرد كراهة المؤمنين للعود في ملة الكفر ابتداء حتى يقال إنها معلومة لهم فكيف تكون مستبعدة عندهم بل إنما هي كراهتهم له بعد وعيد الإخراج الذي جعل قرينا للقتل في قوله تعالى ولو أنا كتبنا الآية فإنهم كانوا يستبعدونها ويطمعون في أنهم حينئذ يختارون العود خشية الإخراج غذ رب مكروه يختار عند حلول ما هو أشد منه وأفظع والتقدير أنعود فيها لو لم نكن كارهين ولو كنا كارهين غير مبالين بالإكراه فالجملة في محل النصب على الحالية من ضمير الفعل المقدر حسبما أشير إليه إذ مآله أنعود فيها حال عدم الكراهة وحال الكراهة إنكارا لما تفيده كلمتهم الشنيعة بإطلاقها من العود على أي حالة كانت غير أنه اكتفى بذكر الحالة الثانية التي هي أشد الأحوال منافاة للعود وأكثرها بعدا منه تنبيها على أنها هي الواقعة في نفس الأمر وثقة بإغنائها عن ذكر الأولى إغناء واضحا لأن العود الذي تعلق به الإنكار حين تحقق مع الكراهة على ما يوجبه كلامهم فلأن يتحقق مع عدمها أولى إن قلت النفي المستفاد من الاستفهام الإنكاري فيما نحن فيه بمنزلة صريح النفي ولا ريب في أن الأولوية هناك معتبرة بالنسبة إلى النفي ألا يرى أن الأولى بالتحقق فيما ذكر من مثال النفي عند الحالة المسكوت عنها أعني عدم الغنى هو عدم الإعطاء لا نفسه فكان ينبغي أن يكون الأولى بالتحقق فيما نحن فيه عند عدم الكراهة عدم العود لا نفسه إذ هو الذي يدل عليه قولنا أنعود لأنه في معنى لا نعود فلم اختلف الحال بينهما قلت لما أن مناط الأولوية هو الحكم
نام کتاب : تفسير أبي السعود نویسنده : أبي السعود جلد : 3 صفحه : 249