نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 126
37 * ( والله سميع ) * حين قالت امرأة عمران : * ( رب إني نذرت ) * إلى قولها : * ( عليم ) * بنيتها كما شهدت بقولها * ( إنك أنت السميع العليم ) * . واعلم أن النيات وهيئات النفس مؤثرة في نفس الولد ، كما أن الأغذية مؤثرة في بدنه . فمن كان غذاؤه حلالاً طيباً وهيئات نفسه نورية ونياته صادقة حقانية ، جاء ولده مؤمناً صديقاً أو ولياً أو نبياً . ومن كان غذاؤه حراماً وهيئات نفسه ظلمانية خبيثة ونياته فاسدة رديئة جاء ولده فاسقاً أو كافراً خبيثاً . إذ النطفة التي يتكون الولد منها متولدة من ذلك الغذاء ، مرباة بتلك النفس ، فتناسبها . ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' الولد سر أبيه ' ، فكان صدق مريم وبنوة عيسى عليهما السلام بركة صدق أبيها * ( وجد عندها رزقا ) * يجوز أن يراد به الرزق الروحاني من المعارف والحقائق والعلوم والحكم الفائضة عليها من عند الله ، إذ الاختصاص بالعندية يدل على كونها من الأرزاق اللدنية . [ تفسير سورة آل عمران من آية 38 إلى آية 42 ] * ( هنالك دعا زكريا ربه ) * كان زكريا شيخاً هرماً ، وكان مقدماً للناس ، إماماً ، طلب من ربه ولداً حقيقياً يقوم مقامه في تربية الناس وهدايتهم كما أشار إليه في سورة ( كهيعص ) فوهب له يحيى من صلبه بالقدرة ، بعدما أمر باعتكاف ثلاثة أيام ولك التأويل بالتطبيق على أحوالك وتفاصيل وجودك كما علمت ، وهو أن الطبيعة الجسمانية ، أي : القوة البدنية . امرأة عمران الروح نذرت ما في قوتها من النفس المطمئنة لله تعالى بانقيادها لأمر الحق ومطاوعتها له ، فوضعت أنثى النفس فكفلها الله ، زكريا الفكر ، بعدما تقبلها لكونها زكية ، قدسية ، فكلما دخل عليها زكريا الفكر محراب الدماغ وجد عندها رزقاً من المعاني الحدسية التي انكشفت عليها بصفائها من غير امتياز الفكر إياها . فهنالك دعا زكريا الفكر ، تركيب تلك المعاني واستوهب من
126
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 126