نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 120
[ تفسير سورة آل عمران آية 15 ] فإن أدركه التوفيق الإلهي والتنبيه السري ، وقارنه الإنباء النبوي كما قال : * ( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ) * انبعث من باطنه شوق وعشق لحركة العلوي إلى مركزه ، واشتعلت ناره التي قد خمدت ، وتتتابع عليه لوامع الأنوار الإلهية وطوالع الإشراقات القدسية ، فاستنار نور بصيرته الذي قد انطفأ ، ورقت الحجب التي منعت فطرته عن طلب المقر والمأوى ، وتنغص عيشه الذي هو فيه فتكدر ما هو عليه ، واستظلم ما كان قد استصفاه من الحياة الدنيا وسكنت في نفسه سورة الهوى بغلبة الجزء الروحاني على الجسماني ، وذاق طعم ماء فرات الحياة الحقيقية فلم يصبر على الملح الأجاج وباشر قلبه خطرات اليقين بجريعات شربها من الماء المعين ، فعلم أنه كان أكمن في سرب من الأرض ، فاستلمع ضوء الكواكب ليلاً وظنه نهاراً ، فخرج فإذا هو ببرية فيها ماء زعاق وأنواع من الحشائش كالخمخم والجرجير ونحوها ، فظنها رياحين وثماراً ، فجلس بما وجد عن ضياء الشمس وألوان الطيب والفواكه ، فعزم على رحيل الأوبة وغشيته وحشة الغربة ، فانتقى ما استطاب واستحلى ، ثم سار وخلى حتى إذا أضاء نور صبح عين اليقين ، وحان وقت طلوع شمس الوحدة ، رأى جنة تحير فيها بصره ودهش في وصفها عقله ، وكان ما كان مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . فإذا أفاق وقد طلعت الشمس ، وجد فيها ألافاً وأحباباً وعرف أنه كان له مثوى ومآباً ، ورجع إليه الأنس ، ونزل محلة القدس ، بدار القرار في جوار الملك الغفار ، وأشرقت عليه سبحات وجهه الكريم ، وحل بقلبه روح الرضا العميم ، وذلك معنى قوله : * ( للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) * إلى قوله : * ( والله بصير بالعباد ) * ، فالجنات جنات الأفعال ، والأزواج أصناف روحانيات عالم القدس ، والرضوان جنات الصفات . [ تفسير سورة آل عمران من آية 16 إلى آية 25
120
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 120