نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 119
الله وتعذيبهم بعذابه لشدة تعلقهم بهم ومحبتهم إياهم . [ تفسير سورة آل عمران من آية 13 إلى آية 14 * ( قد كان لكم آية ) * يا معشر السالكين دالة على كمالكم وبلوغكم إلى التوحيد * ( في فئتين التقتا فئة ) * القوى الروحانية الذين هم أهل الله وجنوده * ( تقاتل في سبيل الله وأخرى ) * هي جنود النفس وأعوان الشياطين محجوبة عن الحق . ترى الفئة الأولى ، مع قلة عددهم ، مثليهم عند التقائهما في معركة البدن لتأييد الفئة الأولى بنور الله وتوفيقه وخذلان الفئة الثانية وذلهم وعجزهم وضعفهم وانقطاعهم عن عالم الأيد والقدرة . فغلبت الأولى الثانية وقهروهم بتأييد الله ونصره ، وصرفوا أموالهم التي هي مدركاتهم ومعلوماتهم في سبيل معرفة الله وتوحيده * ( والله يؤيد بنصره من يشاء ) * من أهل عنايته المستعدين للقائه * ( إن في ذلك لعبرة ) * أي : اعتباراً أو أمراً يعتبر به في الوصول إلى الحقيقة للمستبصرين الذين انفتحت أعين بصائرهم واكتحلت بنور الإيقان العلمي من أهل الطريقة يعتبرون به أحوالهم في النهاية . * ( زين للناس حب الشهوات ) * لأن الإنسان مركب من العالم العلوي والسفلي ، ومن نشأته وولادته تحجبت فطرته وخمدت نار غريزته وانطفأ نور بصيرته بالغشاوات الطبيعية والغواشي البدنية ، والماء الأجاج من اللذات الحسية ، والرياح العواصف من الشهوات الحيوانية ، فبقي مهجوراً من الحق في أوطان الغربة وديار الظلمة يسار به ، مبلواً بأنواع النصب والتعب ، فإذا هو بشعشعة نور من التميز ولمعان برق من عالم العقل ، وداع ينادينه من الهوى والشيطان ، فتبعه فصادف منزلاً نزهاً ، وروضة أنيقة ، فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، فاستوطنه وشكر سعيه ورضيه مسكناً وقال : * عند الصباح يحمد القوم السري * والداعي قد هيئ له القرى * فذلك حب الشهوات ، أي : المشتهيات المذكورة وتزيينها له وهو تمتيع له بحسب ما فيه من العالم السفلي ، وكمال لحياته حجب به من تمتيع الحياة الأخرى وكمالها ، بحسب ما فيه من العالم العلوي ، ولم يتنبه على أنها أبهى وألذ وأصفى مع ذلك وأبقى ، وهو معنى قوله : * ( والله عنده حسن المآب ) * .
119
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 119