أقول : حاشا لله ! أن يجعل رواة كتابه الكريم - وهو خاتمة الكتب السماوية - ونقلته إلى الأجيال اللاحقة من المنافقين أو الفاسقين أو البغاة ، الّذين علمنا بوجودهم الإجمالي ، ووجودهم التفصيلي في بعض الموارد ، بين الصحابة ( 1 ) . وحاشا أيضاً للصادق الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يأتمن على أمانته العظيمة - القرآن الكريم - أمثال هؤلاء ، بل الثابت المعلوم أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عيّن جماعة من الصحابة يحفظون القرآن ثمّ يعرضونه عليه ، وكان كلّ ذلك يجري تحت عنايته وإشرافه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ك - : ابن مسعود ، وأُبيّ بن كعب ، وغيرهما ( 2 ) .
1 - انظر : قوله تعالى : ( وَمِنْهُم مَّنْ عَهَدَ اللَّهَ لَئنْ ءَاتَانَا مِن فَضْلِهِ ى لَنَصَّدَّقَنَّ - إلى قوله - فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ ) ، سورة التوبة : الآية 75 - 77 ، الّذي جاء بحقّ الصحابي ثعلبة . وقوله تعالى : ( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ ) ، سورة السجدة : الآية 18 ، والمؤمن في الآية هو : عليّ بن أبي طالب ، والفاسق هو : الصحابي الوليد بن عقبة . وقوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الاسْلَامِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ، سورة الصفّ : الآية 7 ، الّذي جاء بحقّ الصحابي عبد الله بن أبي سرح ، الّذي ولاّه الخليفة عثمان بعد ذلك مصر . راجع تفسير الآيات وسبب نزولها في تفسير ابن كثير ، وتفسير الطبري ، و الكشّاف للزمخشري ، و أسباب النزول للسيوطي ، و السيرة الحلبية - للحلبي الشافعي - باب : فتح مكّة ، وغيرها . 2 - جاء في تفسير مجمع البيان - للشيخ الطبرسي - 1 / 15 ، وأيضا عن الشبلنجي المصري في نور الأبصار : 48 - في ما نقله عن العلاّمة الدميري في حياة الحيوان - : وأمّا مَن جمع القرآن حفظاً على عهده ( صلى الله عليه وسلم ) فأُبيّ بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وأبو يزيد الأنصاري ، وأبو الدرداء ، وزيد بن ثابت ، وعثمان بن عفّان ، وتميم الداري ، وعبادة بن الصامت ، وأبو أيّوب الأنصاري . انتهى . وانظر للاستزادة : البرهان في علوم القرآن - للزركشي - 1 / 240 فصل : في بيان مَن جمع القرآن حفظاً من الصحابة على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .