وببيان آخر لأحد شارحي النهج : إنّه لم يلجئه إلى مَن يشفع إليه ; لأنّ الشفيع إنّما يضطرّ إليه عند تعذّر المطلوب من جهة المرغوب إليه ، إمّا لبخله أو جهله باستحقاق الطالب ، والباري تعالى لا بخل عنده ولا منع من جهته ، وإنّما يتوقّف فيضه على استعداد الطالب له ( 1 ) . وعلى أية حال ، فقد بيّنّا سابقاً أنّ طلب دعاء الشفيع المأذون بالشفاعة من قبل الله عزّ وجلّ ، كالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته الأطهار ( عليهم السلام ) ، أو التوسّل به أو بهم إلى الله تعالى ، هو في الحقيقة لجوء إلى الله تعالى لا لجوء إلى الشفيع ; لأنّ الشفاعة المأذون بها هي من جملة الأسباب الّتي شرّعها الله لعباده من أجل نيل رحمته سبحانه . أمّا عن اعتراض الدليمي على التوسّط بطلب الدعاء من الآخرين ، وقوله : " فادعوه ; فإنّه قريب مجيب لا يحتاج إلى وسيط " . فأقول : ثبت أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال للمسلمين : " اسألوا الله لي الوسيلة " ، وهي أعلى درجة في الجنّة ، فهل تراه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يعلم أنّ الله عزّ وجلّ قريب مجيب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ولا يحتاج إلى وسيط فطلب سؤال المسلمين له ، وعلِم بذلك الدليمي دونه ؟ ! ! نعوذ بالله من زلل الأقلام وأيف الأفهام ، ونسأله العافية ، وتمام العافية ، والشكر على العافية ، بحقّ محمّد وآله الكرام . * * *