قوله ( عليه السلام ) : " ولم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل ، أو كتاب منزل ، أو حجّة لازمة " ( 1 ) . وقوله ( عليه السلام ) : " اللّهمّ بلى ، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة : إمّا ظاهراً مشهوراً ، أو خائفاً مغموراً ( 2 ) ; لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته ، وكم ذا وأين أُولئك ( 3 ) ؟ ! أُولئك - والله - الأقلّون عدداً ، والأعظمون عند الله قدراً ، يحفظ الله بهم حججه وبيّناته ، حتّى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ( 4 ) ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى ، أُولئك خلفاء الله في أرضه ، والدعاة إلى دينه " ( 5 ) . . وفي كلامه ( عليه السلام ) هذا بيان واف لعلّة وجود الحجج بعد الأنبياء والرسل والكتب المنزلة ; فانظر إلى قوله ( عليه السلام ) : " لئلاّ تبطل حجج الله وبيّناته " ، وقوله ( عليه السلام ) : " يحفظ الله بهم حججه وبيّناته ، حتّى يودعوها نظراءهم . . . " .
1 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 1 / 24 الخطبة الأُولى . 2 - غمره الظلم حتّى غطّاه فهو لا يظهر . 3 - قال الشيخ محمّد عبده في شرحه : استفهام عن عدد القائمين لله بحجّته ، واستقلال له ، وقوله : " وأين أُولئك ؟ ! " استفهام عن أمكنتهم ، وتنبيه على خفائها . 4 - عدّوا ما استخشنه المنعّمون ليّناً ; وهو : الزهد . 5 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 4 / 37 . . وانظر كلامه ( عليه السلام ) هذا في تذكرة الحفّاظ 1 / 12 ، المناقب - للخوارزمي - : 366 ، كنز العمّال 1 / 263 ; يرويه عن : ابن عساكر ، وابن الأنباري في المصاحف ، والمرهبي في العلم ، وأبي نعيم في الحلية .