أحمد بن محمّد الوتري البغدادي في كتابه روضة الناظرين : اعلم أنّ جماهير أهل السُنّة والجماعة يعتقدون أنّ أفضل الناس بعد النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) : أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ عليّ ، رضي الله تعالى عنهم ، وأنّ المتقدّم في الخلافة هو المقدّم في الفضيلة ; لاستحالة تقديم المفضول على الفاضل ; لأنّهم كانوا يراعون الأفضل فالأفضل . والدليل عليه : أنّ أبا بكر ( رضي الله عنه ) لمّا نصّ على عمر ( رضي الله عنه ) قام إليه طلحة ( رضي الله عنه ) فقال له : ما تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظّاً غليظاً ؟ ! قال أبو بكر ( رضي الله عنه ) : فركت لي عينيك ، ودلكت لي عقبيك ، وجئتني عن رأيي ، وتصدّني عن ديني ! أقول له إذا سألني : خلّفت عليهم خير أهلك ( 1 ) . . فدلّ على أنّهم يراعون الأفضل فالأفضل ( 2 ) . انتهى . وقد عنون البخاري في الجزء الأوّل من صحيحه باباً بعنوان : أهل العلم والفضل أحقّ بالإمامة . . . وبغضّ النظر عمّا جاء فيه من أحاديث وفضائل منسوبة لبعضهم ولم تشهد كتب التاريخ والوقائع بصحّتها أو
1 - وفي رواية ابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 / 37 : لئن سألني الله لأقولنّ : استخلفت عليهم خيرهم في نفسي . انتهى . 2 - روضة الناظرين : 2 . . أقول : ذكرنا كلامه هنا من باب الاحتجاج والإلزام ليس إلاّ ; لاتّفاقه معنا في أصل الموضوع ، أمّا بخصوص أنّ أهل السُنّة والجماعة يعتقدون : إنّ أفضل الناس بعد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ عليّ ( عليه السلام ) ، وهي المفاضلة المنسوبة في حقّ الثلاثة الأوائل إلى ابن عمر - كما في صحيح البخاري ج 4 في مناقب عثمان - وفي حقّ الأربعة إلى جعدبة بن يحيى - انظر ترجمته في لسان الميزان 2 / 105 - ; فانصح القارئ الكريم بالعودة إلى كتاب الغدير 7 / 3 وما بعدها ، ليقف على القول الفصل في موضوع المفاضلة هذه .