الالتفاف عليه ( 1 ) . فلو كانت الخلافة شورى ، وأنّ الناس قد أجمعت على اختيار أبي بكر إماماً ، لَما أفزع الإمام ( عليه السلام ) انثيالهم على أبي بكر ومبايعتهم له ! ! وما كان للإمام أن يمسك يده عن هذه البيعة ! ! ومَن رجع إلى كلامه ( عليه السلام ) الّذي مرّ ذكره سابقاً وجد أنّ الإمام لم يصالح أو يوادع الخلفاء إلاّ بعد أن رأى راجعة الناس قد رجعت ، وخشي إن لم ينصر الإسلام وأهله أن يرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليه أعظم من فوت حقّه في الولاية الّتي يقول ( عليه السلام ) عنها أنّها : متاع أيّام قلائل . ويقول عنها في موضع آخر من النهج : " فإنّها كانت أثرة ، شحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله ، والمعود إليه القيامة " ( 2 ) .
1 - وهذا الأمر في الواقع ، أي : مخالفة الأصحاب للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في موضوع الخلافة ، من الأُمور الّتي تستوقف الكثيرين ، وتجعل المتعصبّين منهم يزبدون ويرعدون . . وقديماً قيل : لو عُرف السبب بطل العجب ; فأنصح القارئ الكريم بالعودة إلى شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - نفسه 12 / 83 ، أو العودة إلى المراجعات : المراجعة ( 84 ) ; فإنّه سيجد ما ينفعه في المقام إن شاء الله تعالى . وليقف على كيفية ترك الأصحاب للنصوص ، ك - : إسقاطهم سهم ذوي القربى ، أو إسقاطهم سهم المؤلّفة قلوبهم ، وغيرها ; لما يرونه من اجتهاد قبال هذه النصوص ، ومَن شاء فليراجع مسألة " متعة الحجّ " ومخالفة الأصحاب فيها مع إنّها قضية عبادية لا تتعلّق بشؤون الإدارة أو الولايات ، وقد جاء الأمر بها في القرآن والسُنّة . انظر - على سبيل المثال - : شبهات وردود - للسيّد سامي البدري - 2 / 123 - 146 . 2 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 3 / 71 . . ومن أجل الوقوف على العلّة الحقيقية لامتناع الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من الاحتجاج على معارضيه أصحاب السقيفة يومها برفع السيف ضدّهم ، أنصح القارئ بالرجوع إلى كلامه ( عليه السلام ) السابق في كتابه إلى أهل مصر والتمعّن فيه .