ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ } ( 1 ) . فهذا التقسيم القرآني لواقع الأصحاب يعطينا صورة واضحة عمّا كانوا عليه في حياة النبيّ الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكلامه عزّ وجلّ أصدق الكلام ، فالأجدر بالكاتب ، بل بكلّ باحث عن الحقيقة ، راغب في بيانها واطّلاع الناس عليها ، أن يتّخذه أساساً له في البحث في هذا الموضوع ، وأن لا يقول في دين الله إلاّ الحقّ ، ولا يغلو في الأصحاب ويحكم بعدالة كلّ فرد سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو رآه من المسلمين مطلقاً ( 2 ) . فالأصحاب - وحسب التقسيم القرآني المستفاد من الآيات السابقة وآيات أُخرى - فيهم العدول ، وهم عظماء الصحابة وعلماؤهم وأولياء أُمورهم ، وفيهم البغاة ، وفيهم أهل الجرائم من المنافقين ، وفيهم مجهول الحال . بل على الكاتب أن يقرأ قوله تعالى في سورة التوبة ذاتها ، الآية 119 : { يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّدِقِينَ } ، الدالّ بكلّ وضوح على أنّ في الأُمّة صنفين من الناس : الأوّل : المطالَبون بالتقوى ، وبالكون مع الصادقين ، وهم عامّتها . والثاني : الصادقون ، الّذين أمر الله المؤمنين بالكون معهم . . فإن قلنا : إنّ الصحابة هم الصادقون حسب هذا الخطاب ، وكذلك هم المؤمنون المطالبون بالتقوى ; يكون معنى الآية إذاً : يا أيّها الصحابة ! كونوا مع أنفسكم ! ! وهذا الكلام غير مراد قطعاً ، فهو لا يصدر من البليغ ، لأنّه
1 - سورة التوبة : الآيات 102 و 106 و 107 . 2 - انظر : نظرية عدالة الصحابة ، للمحامي الأردني أحمد حسين يعقوب ; لتقف على تعاريف القوم للصحبة وأقوالهم فيها .