قالوا : يا رسول الله ! الأنبياء الّذين أكرمهم الله برسالته والنبوة ؟ قال : " هم كذلك ، ويحقّ لهم ، وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة الّتي أنزلهم بها " . قالوا : يا رسول الله ! الشهداء الّذين استشهدوا مع الأنبياء ؟ قال : " هم كذلك ، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة " . قالوا : فمَن يا رسول الله ؟ ! قال : " أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي ، يؤمنون بي ولم يروني ، ويصدّقوني ولم يروني ، يجدون الورق المعلّق فيعملون بما فيه ، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيماناً " ( 1 ) . وأخرج مثله : القرطبي في تفسيره ، والبيهقي في الدلائل ، والأصبهاني في الترغيب ، والطبراني ، وابن أبي شيبة ، وابن عساكر ، وأحمد ، والدارمي ، والبخاري في تاريخه بأسانيدهم ; فراجع ثمّة ! أمّا قوله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأولُونَ مِنَ الْمُهَجِرِينَ وَالأنصَارِ - إلى قوله - ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ، فهو يدلّ على أنّ الله سبحانه راض عن السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار ، وقد أخبرنا سبحانه - في آيات أُخرى من كتابه الكريم - أنّه لا يرضى عن القوم الفاسقين ، كما لا يرضى عن المرتدّين عن دينهم ; قال تعالى : { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَلُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأوْلَئِكَ أَصْحَبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَلِدُونَ } ( 2 ) . . ومقتضى الجمع بين الآيات المباركة يستلزم القول : إنّ الإقرار بعدالة
1 - فتح القدير 1 / 34 . 2 - سورة البقرة : الآية 217 .