وقرأت في القرآن آيات يصعب عدّها ، في مدحهمّ والترضّي عنهم والشهادة لهم بالجنّة ، منها : { وَالسَّابِقُونَ الأولون مِنَ الْمُهَجِرِينَ والأنصار وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِأحْسَن رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّت تَجْرِى تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَا لِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } التوبة - 100 . ومنها : قوله : { لَّقَدْ رَضِىَ اللَّهُ عَنِ ا لْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } الفتح - 18 ، وكانوا ألفاً وأربعمائة ، منهم الخلفاء الراشدون وبقيّة العشرة المبشَّرة بالجنّة ، قال عنهم النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) : ( كلّهم مغفور له ) . . . " ( 1 ) . أقول : نحن نسلّم أنّ أُمّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في زمانه وبعده خير أُمّة ، كما نصّ الكتاب العزيز ، كيف لا ؟ ! وفيها أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والسابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسان . . . فهؤلاء هم المخاطبون في الآية ، وأمّا الكفّار والمنافقون والفاسقون فهم شرّ أُمّة ولا يمكن وصفهم بالخيرية أبداً . . فقوله تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } لا يدلّ بالضرورة على خيرية جميع الصحابة ; لأنّ من الأصحاب مَن كان ظاهر النفاق ومنهم مَن كان مبطنه ، وقد أخبر الله تعالى عنهم نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : { لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ( 2 ) ، فلا يمكن أن يكون هؤلاء المنافقون من الأخيار وإنّما المراد