الحاجة من الخلق إلى أن يُقيمها بمساك قوّته ، ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته ، فظهرت البدائع الّتي أحدثها آثارُ صنعته ، وأعلامُ حكمته ; فصار كلّ ما خلقَ حجّةً له ودليلا عليه ، وإن كان خلقاً صامتاً ، فحجّته بالتدبير ناطقة ، ودلالتُهُ على المبدع قائمة " ( 1 ) . وعن الإمام أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) : " الصورة الإنسانية هي أكبر حجّة لله على خلقه ، وهي الكتاب الّذي كتبه الله بيده " ( 2 ) . وقد ورد أنّ العقل حجّة الله على خلقه ( 3 ) ، كما أنّ القرآن حجّة الله على خلقه ; قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من خطبة له : " فالقرآن آمرٌ زاجر ، وصامتٌ ناطق ، حُجّة الله على خلقه " ( 4 ) . وأهل البيت ( عليهم السلام ) حجج الله على خلقه ; لِما ورد عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال في حقّهم : " إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ; ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علَيَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما " ( 5 ) . . فقد قرن الحديث أهل البيت بالكتاب الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وجعل التمسّك بهما معاً عاصماً من الضلالة ، وأخبر بتلازم أهل البيت والكتاب وعدم افتراقهما إلى يوم القيامة . فإذا كان التمسّك بالقرآن - الّذي هو حجّة الله على خلقه - هو الأخذ بتعاليمه وأحكامه ، فكذلك يكون التمسّك بمَن جُعلوا عدلا له وقرناء ،
1 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 1 / 164 . 2 - التفسير الصافي 1 / 92 . 3 - انظر : شرح أُصول الكافي 1 / 306 ، الفصول في الأُصول 1 / 377 . 4 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 2 / 111 ، شرح أُصول الكافي 11 / 6 . 5 - سبق ذكر مصادر الحديث في ص 49 .